ليبيا المستقبل - علاء فارق: أثارت تصريحات رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج حول الدعم الدولي لبلاده بأنه "خجول، ولا يرقى إلى مستوى الأحداث التي تدور في ليبيا"، ردود فعل حول ماهية هذا الدعم ومدى جديته، والأهم طبيعة المؤسسات أو الأشخاص التي يدعمها المجتمع الدولي.
وقال السراج لقناة الجزيرة الفضائية - عقب اجتماع دعت إليه الولايات المتحدة وإيطاليا على مستوى وزراء الخارجية في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة - إن حكومة الوفاق الوطني هي "الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا"، وإنها "منفتحة على جميع المبادرات"، وأنه "لا إشكالية بين حكومة الوفاق ومجلس النواب في طبرق، لكن الإشكالية في داخل المجلس نفسه".
من جهته، قال المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر في تصريحات للقناة نفسها إن الاجتماع جاء "لإظهار دعم دولي موحد لليبيا وحكومة الوفاق الوطني، وسعيا لبناء جيش قوي وموحد"، وأشار إلى أن "اللواء المتقاعد خليفة حفتر سيكون له دور في هذا الجيش". وجدد المجتمع الدولي خلال الاجتماع بشأن ليبيا تأكيده أن حكومة الوفاق التي تشكلت نهاية 2015 برعاية الأمم المتحدة هي "الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا". وذكر البيان الختامي أن ممثلي عشرين دولة - بينها أميركا وإيطاليا وتركيا وفرنسا ومصر والإمارات - شددوا على ضرورة "إجراء حوار شامل ومصالحة وطنية لحل أزمة ليبيا".
ويرى مراقبون أن المجتمع الدولي رغم دعمه الكامل لحكومة الوفاق الوطني إلا ان بعض المواقف لازال يكتنفها الغموض بخصوص وضع بعض الشخصيات في المشهد وعلى رأسهم خليفة حفتر. ففي الوقت الذي يدعم فيه المجتمع الدولي بمؤسساته الاتفاق السياسي ومخرجاته من حكومة ومجلس رئاسي ومجلس أعلى للدولة، إلا انه يتحفظ أحيانا على إبداء رأي في ممارسات تتم خارج إطار الشرعية سواء من أشخصاص او مؤسسات يفترض انها انتهت بنص الاتفاق السياسي الذي تم برعاية أممية.
الناشط الحقوقي من بنغازي، عصام التاجوري يرى أن المجتمع الدولي "لا يريد إخراج ليبيا من الأزمة بل يريد فقط إدراة الأزمة عبر ما يعرف ببعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا"، مضيفا: "وماهي إلا بعثة لرعاية وموائمة وتنظيم التدخل الخارجي في شؤون البلاد وحماية مصالح الدول الكبرى". لكن الناشط السياسي، فرج فركاش يقول "إن الدعم الدولي والإقليمي يقف بقوة مع حكومة الوفاق رغم كل التحديات الداخلية، لكن هذا الدعم لم يرتقي بعد إلى أفعال وينحصر فقط في بيانات وشعارات"، مضيفا: "ويبقى الدور الأساسي في يد المجلس الرئاسي ورئيسه بتقديم التنازلات المطلوبة والمعقولة بحيث يتم احتواء المعارضين والذي بدأ عددهم في ازدياد خاصة في ظل مراوحة المجلس الرئاسي مكانه وإنعدام التوافق بين أعضائه".
الصحفي طاهر كريوي يهاجم السراج بقوله "أنه رجل يحاول فقط مسك العصا من المنتصف أو ليكون صمام الأمان لإستمرار عملية الوفاق الشكلي حتى الآن"، وأضاف: "السراج يعلم جيدا أن الدعم الدولي الذي قدم لكل طرف من الأطراف لم يكن في مصلحة ليبيا ولا حتى الوفاق الوطني، فكل الداعمين انصب دعمهم لمصالحهم وما يخدم سياساتهم وأجنداتهم، ولا يمكن أن يواجه المجتمع الدولي بهذه الحقيقة كما لا يمكن أن يواجه الكتلتين المتصارعتين بها أيضا". ويطالبه بحكم موقعه السياسي، أن "يجد الوسيلة الضاغطة لحث كل الآطراف الدولية لممارسة المزيد من الضغط على الكتلتين المتصارعة لتقديم المزيد من التنازلات، للوصول لقواعد مشتركة يمكن من خلالها فرض إستقرار نسبي يمكن على إثره الإستمرار في العملية السياسية وتكوين حكومة تقبل بها جميع الأطراف".
• مصالح كبرى...
الأستاذ الجامعي طاهر بن طاهر يقول: "بكل تأكيد الدعم الدولي لليبيا بعد سقوط النظام السابق لم يكن بالدرجة التي أملها الليبيون، وليبيا الآن منطقة صراع بين قوى كبرى بين هيمنة الاتحاد الأوروبي الذي يعاني هو نفسه ويخشى التفكك وبين أمريكا التي ترغب أن يكون جنوب البحر المتوسط مصدر قلق للأوربيين فتضمن بقاء الخوف الأوروبي من الهجرة والإرهاب واستقرار ليبيا مرهون بتشكل الاتحاد الأوروبي وعلى صورته الجديدة التي تريدها أمريكا بعد انسحاب بريطانيا ولذا نجد فرنسا أقوى دولة في الاتحاد الأوروبي تعمل جاهدة أن تقول أنها حاضرة في الملف الليبي من خلال دعمها للسيسي وحفتر". وبخصوص تصريحات السراج الأخيرة حول المجتمع الدولي، يضيف بن طاهر: "إنه بإمكان السراج أن يكون أكثر فاعلية وذلك بالالتفات إلى الداخل والسعي لتخفيف الضائقة الاقتصادية والوقوف علنا ضد من يعيق الاتفاق السياسي عندها سيدعمه العالم وإلا فإن البقاء للأقوى وهم الغرب يبحثون عن من يقدر على تنفيذ وعوده ويبسط الأمن".
المحلل السياسي خالد الغول يتساءل: "ماذا يقصد السراج بالدعم الدولي كي يعتبره خجول؟، وهل يقصد الدعم السياسي؟ فالدعم السياسي كان دعما في أعلاه من حيث الإصرار على دعم حكومته وأنه لا بديل عن الإتفاق السياسي ولامجال لفتحه، أما إن كان يقصد الدعم العسكري لحرب (داعش) في سرت فذلك صحيح... أما إن كان يقصد بالخجول الدعم المادي فلا أظن المجتمع الدولي يملك المال ليعطيه لشعوب تدمر نفطها ولم تفصل في خصامها بين إقتصاد شعبها وبين خلافها السياسي".