![]() |
الدفاع عن الوطن شرف وفرصة لا ينالها إلا القليل أو ذو حظ عظيم، وفى هذه المهمة العظيمة يضحي الإنسان بأعز ما يملك نفسه وحياته ففي سبيل الوطن ترخص كل الأثمان، وتضحيات شيخ الشهداء عمر المختار ورفاقة تعجز الأقلام عن تدوينها، واحيانا تتجمد الأفكار في التعبير عنها لضخامة حجمها وجللها حقاً لأنه كان ومازال مدرسة وطنية ملهمة لكل الأحرار والمناضلين من أجل الحرية والتخلص من ربقة الاستعمار والاستبداد، عمر المختار كان مدرسة تجسدت فيها كل معاني التضحية، وقدمت دونما إنتظار للحصول على مصلحة أومنفعة شخصية ترجى، بل هي شرف الرجولة وقيمها والغيرة والشجاعة والسخاء في تقديم الدماء الطاهرة الزكية طواعية للدفاع عن شرف الوطن وتحريره ترسمها مشاعل الإستبسال والصمود في الجبل الأخضر وفي كل أرجاء الوطن.
خاض شيخ الشهداء رغم كبر سنه مواجهات بطولية ضد المستعمر الايطالي في صراع بين الحق والباطل، بين قوته البسيطة المتواضعة التي تعبّر عن إرادة الشعب الليبي من أجل حياة الحرية والسيادة والشرف وقوة الاستعمار بما يمثله من الظلم والعبودية والذلّ والعار والاستسلام، فالأوطان تُبنى بالتضحيات، خاصة إذا كنا نتحدث عن التضحية بالنفس والتضحية بالمصلحة الشخصية ولا تُبنى بحب الذات أو العمل الدؤوب من أجل تحقيق مكاسب ذاتية أو زعامة.
إن انتمائنا للوطن يفرض علينا واجبات كثيرة؛ فالانتماء ليس فقط لتحديد جنسية في خانة لتكملة شهادة الميلاد أو البطاقة الشخصية، فكلمة انتماء لها معاني عميقة، أنها تعني الإحساس بحب الوطن والرغبة في الدفاع عنه وفي الإنتماء إليه مهما حدث، والتضحية من أجله، والانتماء للوطن هي أن نربى أبنائنا على حبه.
كان عمر المختار رجلاً مخلصاً متواضعا شجاعا، مقدامًا لايخشى الموت فى سبيل الوطن، لم يعلق النياشين على صدره، ولم يكن مغرورا ولم يختفي ويختبئ في معسكر كما فعل القذافي ولم يعيش خلف الاسوار والقلاع بعيداً عن الخطر،أو كما يفعل من يسير على خط القذافي في قلعة محصنة ومحاط بالحراس والاسوار والقواعد العسكرية الإقليمية، كما أنه لم يطلب العون أو يستعين بالقوى الخارجية في جهاده ضد مواجهة دولة استعمارية فاشية لديها من العتاد الحربي والجنود بعشرات الآلاف، بل كان المختار قائد مع قلة من رجاله الأوفياء للوطن يجسدون معنى ومضمون الاسطورة، فهو لم "يعين أحد من اقاربه أو أهله في مناصب كما فعل الذين يتحكمون في ليبيا الآن" شرقاً وغرباً وجنوباً، وكم من ألاقزامٌ اليوم من المدينين والعسكريين الذين تصدروا المشهد السياسي بعد الثورة من المتآمرينَ الذين يبحثون عن المجد والوصول للسلطة والحكم بإى ثمن بعد أن اغتالوا في طريقهم وقتلوا كل من اعترض عليهم حتى بتصريحات أو كلمات.
"سيدي عمر المختار"...
أن شعبنا الليبي اليوم بحاجة ماسّة إلى أخلاقك وجرأتك ورجولتك ليقف في وجه الفاسدين والمتآمرين والمنافقين والأنانيين وكلّ المخرّبين والمتطاولين على مصلحة البلاد، والوقوف ضد المشكّكين والساقطين المتنازلين عن حق إعادة بناء الدولة الليبية، من أجل إشباع شهواتهم الشخصية وبناء «عظَمات» أنانية وهمية، نعم ما احوج شعبنا إلى تعلم التضحية ليستلهم منها العزم والقوة والإيمان وروح البطولة والإقدام.
عمر المختار أيها الحاضرُ دائماً فينا وفي قلوب جميع الأحرار المطالبين بالحرية والعدل والحق والحياة الكريمة،أيها الحاضر ايضاً في أجساد كلّ الشهداء المتناثرة على أرضنا وقد نبتت حولهم شقائقَ النعمان والرياحين.
إن الأحرار سوف يستمرون في مواجهةِ كلّ أعداءِ الوطن وسيبقى المخلصين والاوفياء في ساحة الصراع لإنقاذ البلاد من انقساماتها وأوضاعها الفاسدة ولتحريرها من " كلّ اللصوص والساعين للسطة والحكم وتجار السياسة ودعاة والقبلية والجهوية والمتحالفين مع القوي الإقليمية والأجنبية من المتآمرين على الشعب الليبي ومصالحه.
"سيدي شيخ الشهداء" إن في استشهادك وبطولتك تفاصيل ودروس كثيرة يجهلها الجيل الجديد وقد آن الأوان أن يُعاد التذكير بها، وأن تُكتب مرات عديدة في سجلات التاريخ بمداد من الذهب،وستبقى صولاتك وجولاتك الجهادية شامخة ومثالاً رائعاً للتضحية لكي يستلهم منها الأحرار والشرفاء والاوفياء العزم والقوة والايمان وروح البطولة والإقدام من أجل الوطن والشعب.