عقب استقالة او بالاحرى اقالة حكومة الدكتور محي الدين فكيني طيب الله ثراه استدعى الملك الصالح "حلال الازمات الليبية" السيد محمود المنتصر رحمه الله لتشكيل الحكومة الليبية الجديدة.! وإعانة الملك الصالح طيب الله ثراه في مواجهة الازمة السياسية المعقدة والاولى من نوعها في المملكة الليبية بسبب أحداث ١٣ و١٤ يناير ١٩٦٤ الاليمة...
لم يكن اختيار الملك الصالح السيد محمد ادريس المهدي السنوسي طيب الله ثراه للسيد محمد عثمان الصيد رحمه الله ليكون اول رئيس للحكومة الليبية من الجنوب الليبي أول المفاجآت الملكية الليبية بل إنه فاجأ الجميع أيضا باختيار أول شخصية ليبية تحمل مؤهلا عاليا في القانون هو الدكتور محي الدين
لم يكن كل كبار المسؤولين في المملكة الليبية المتحدة راضين عن الخطوات الوحدوية التي بدأ السيد الرئيس محمد عثمان الصيد رحمه الله في اتخاذها بتفاهم واتفاق كامل مع الملك الصالح طيب الله ثراه لالغاء النظام الاتحادي وتحويل ليبيا الى دولة واحدة موحدة و الغاء الولايات الثلاثة وتقسيم ليبيا الى عشر محافظات
كان السيد محمد عثمان الصيد شخصية مختلفة عن الشخصيات السياسية الأربعة التي سبقته في رئاسة الحكومة الليبية وهم السيد محمود المنتصر والسيد محمد الساقزلي والسيد مصطفى بن حليم والسيد عبد المجيد كعبار.رحمهم الله جميعا وعلى الأخص ما تعلق منها بالعلاقة المباشرة مع الملك الصالح.
كان السيد الرئيس محمد عثمان الصيد الذي كلفه الملك الصالح بتشكيل الحكومة الليبية الرابعة، كان شخصية غامضة بالنسبة للكثيرين سواء من زملائه النواب او الوزراء او الشخصيات السياسية والإدارية الذين كانوا عَلى صلة مباشرة معه. وقد قدر لي بحكم عملي في الوزارة الجديدة وزارة الأنباء والارشاد
كنا خلال سنوات الدراسة نسمع فقط عبر الاذاعة الليبية وكنا نقرأ فقط عبر الصحف الليبية عن القيادات السياسية التي كانت تدير شؤون الوطن من الملك الصالح الى ولي عهده الأمين الى رؤساء الحكومات الى الولاة الى الوزراء الى كبار رجال الدولة ولكننا لم نكن نعرفهم او نلتقي بهم مباشرة.
كانت الجامعة الليبية إذن مصدرا للعلم وللدراسات الاكاديمية ولكنها كانت أيضًا ساحة للخلافات السياسية بيننا نحن طلبة الجامعة ومعظمنا من جيل الثلاثينات المميز وذلك حينما كان وعينا السياسي قد بدأ يتشكل ويأخذ صوره المختلفة طبقا لما كان سائدا في الوطن العربي حينها من الافكار والتوجهات وما تبثه وسائل الاعلام المصرية عَلى وجه الخصوص
كانت الجامعة بالنسبة لنا إذن مكانا للعلم والبحث والدراسة ولكنها كانت أيضا مكانا للبحث عن المتاعب.!! و"البحث عن المتاعب" هو التعبير المهذب ليس لممارسة الصحافة كما يقال بل أيضا لممارسة السياسة.! ولكنه في الحقيقة هو التعبير الصحيح.! فكل من يمارس السياسة وكل من يمارس الصحافة إنما يبحث عن المتاعب
كان يوم 15 ديسمبر 1955 يوما من أيام ليبيا التاريخية والخالدة. فقبل حلول الذكرى الرابعة لاعلان استقلال ليبيا بأسبوع واحد تم الاعلان عن تأسيس أول جامعة في ليبيا.!! فقد صدر في ذلك اليوم مرسوم ملكي بقانون يقضي بتاسيس أول جامعة في ليبيا المستقلة. كان اسمها "الجامعة الليبية".
كان لمدرسة الزاوية الثانوية إذن وكان اسمها مدرسة النهضة السبق في تخريج العديد من القيادات المدنية والعسكرية من جيل الثلاثينات المميز الذي قدر الله له أن يكون له دوره في بناء الدولة الليبية الحديثة المملكة الليبية المتحدة ثم المملكة الليبية الى جانب زملائهم من نفس هذا الجيل المميز من خريجي المدارس الثانوية