مفتاح الشكوي مواطن ليبي من مدينة جالو - احدى ربوع إقليم الواحات الشرقية الواقع بين اجدابيا شمالاً والكفرة جنوباً. مفتاح وعسى أن يكون فاتحة خير وأمل.. مواطن لم يعرفه الليبيون قبل أن يصنع حدثاً يراه البعض صغيراً لكن معانيه أكبر في عمقِ غابة فوضى السلاح التي نعيشها جميعاً ونعاني منها جميعاً مذ أن ظهر العقيد القذافي معتلياً صهوة السرايا الحمراء في قلب العاصمة صائحاً بغضب: (افتحوا المخازن.. افتحوا المخازن).. مذاك فُتحت المخازن ولم تُغلق بعد!.. بل صارت بلادنا الشاسعة المستباحة مخزناً هائلاً للذخيرة والسلاح والحرب والجريمة وبلا عقاب.
***
في الأخبار قد يبدو الخبر عادياً: "شهد أحد مقار القوات المسلحة في مدينة جالو تسليم مواطن من المدينة ما بحوزته من أسلحة متوسطة عادية وحرارية وكمية من الذخائر إلى آمر القاطع الحدودي"!!.. لكنه على الاطلاق ليس عادياً !.. لا الخبر ولا مفتاح!!..
مفتاح الشكوي كما شاهدنا على شاشة 218 مواطن شاب يافع يصافح المسئولين العسكريين والمدنيين ليشهدوا جميعاً على قيامه بتسليم عدد من الأسلحة الثقيلة والذخائر إلى قوة من القاطع الحدودي الواحات -تتبع الجيش الوطني- فيما يبدو بادرة خير على صغرها وكبر حجمها المعنوي الذي قد يسهم في تشكيل رأي عام بالوعي بوجود خطرٍ يتمددُ كل يوم في ألايعود السلاح إلى مخازن الدولة من جيش وشرطة ومقار أمن داخلي وقومي.. تصرف مفتاح الراقي مهما كانت نواياه - فالناس تؤمن بالظاهر- هو مفتتح نحو تجاوب بقية المواطنين الذين بحوزتهم السلاح والذخيرة وكل أدوات الحرب والاقتتال مخزنة في الشقق والدارات الكبيرة، في الوِرشِ وفي المزارع الحديثة والحقول القديمة وفي بعض البنايات المغتصبة من الدولة.. سلاح في كل شبر!.
***
مفتاح سلم أسلحته.. أبداً ليس خبراً عادياً: تصوروا الأسلحة التي كانت بحوزة مفتاح: قاذف سي فايف حراري عدد اثنان واحد زوجي وآخر فردي وكل واحد أخطر من الآخر ضمن منظومة صواريخ الــ (م/د).. أي المضادة للدروع من عربات قتالية ودبابات وحتى السيارات العادية.. هي صواريخ حرارية تتبع المحركات المشتغلة لتفجر الهدف ويذهب الجمل بما حمل في ثواني!!.. من ضمن مبادرة مفتاح أيضاً مضادات طيران منها المدفع الرشاش المتوسط (م ط 23) وهو أقوى فعالية من الــ 14 ونص.. وعموماً هي رشاشات لضرب الطيران المنخفض استخدمها ولايزال الليبيون في إبادة بعضهم البعض.. ومن الذخائر سلم مفتاح عدد من صناديق الذخيرة لم يعلن عن كميتها وعدد اطلاقاتها وداناتها وصواريخها ولكن الأهم أنها في مخازن الجيش الآن.. في مكانها الطبيعي.. تخرج حين الدفاع عن الوطن والذود عن حماه لا في إبادة الليبي لأخيه الليبي.
في جالو أشاد جميع من حضر بهذه الخطوة المعتبرة التى من شأنها لو تكررت في جميع ربوع ليبيا أن ترسخ مبدأ عودة أمن وآمان المواطن وتوحيد الجهود لبناء دولة يحميها جيش موحد وتنظم امور أمنها الداخلي جهاز شرطة محترف ونظامي. مفتاح فتح الباب.. فهل نستجيب أم نواصل الاحتراب والتناحر بين ثنايا هذا المخزن الكبير؟!.
* سبق نشر المقال على موقع 218