وقاية "المطار الدولي الاخير" عاجلاً... خير من العلاج لاحقاً
بعد توقف مطاري بنغازي وطرابلس الدوليين بسبب المواجهات التي عاشتها بنغازي وطرابلس، وبدون الدخول في الجدل عن الاسباب والاحداث والنتائج المعروفة وما يرافقها من تحليلات واحكام، لان العبرة بالدروس. وباعتبار جهود الصيانة والإعمار الجارية لاعادة مطار بنغازي بنينا الدولي للعمل، فالدعوة والحاجة إلى ان يستعاد ويعاد تأهيل مطار امعيتيقة لسلطة وسيطرة والادارة والحماية الكاملة والتامة للدولة.
قصة حرب مطار طرابلس الدولي توضح انه لا يمكن ابداً ان يكون مطار دولي خارج تبعية الدولة واجهزتها الفنية من: طيران وملاحة وحراسة وجمرك، ولا معنى ان تقول اي جهة انها مع شرعية الدولة وبالتالي تبعية المطار للدولة، لان المسألة مسألة انقياد وتبعية شاملة ومطلقة، لا موضوع ولاء يتغير او قابل للحسابات او حسب اجندات وتفسيرات سياسية.
طرابلس وبنغازي هما المدينتان الليبيتان اللتان تتصفان بأنهما المدينتين الوطنيتين لكل الليبيين، وبل العالميتين، بكل ما يعنيه ذلك من تعدد وتنوع ثقافي وحضاري وهوياتي وأيديولوجي وسلوكي واجتماعي وجهوي. ولا تستطيعان ان تكونا غير ذلك، ولا يستطيع اي عنصر او لون او مزاج واحد ان يفرض نفسه عليهما مهما كان جبروته.
اليوم، مطار امعيتيقة الدولي، هو مطار طرابلس الوحيد لأكبر مدينة في ليبيا سكاناً، ويقدم خدماته لأكثر من ثلث سكان ليبيا، اي اكثر من مليونين نسمة، وهو ملك لكل الليبيين، ومن غير المقبول ولا المعقول ان يكون خارج تبعية الدولة الشاملة.
بل ان استمرار ذلك خطر ومخاطرة وخطير ومن مثل غرس الرأس في الرمال، لان احتمال انحراف وجنوح الامور وارد جداً وفي اية لحظة، وعندها سيكون الثمن فادح جداً وفوق المتصور، لدرجة لا يمكن اهمالها الان بدواعي شراء الوقت وتجنب المشاكل. لقد جرب الليبيون معاناة ومكابدة ومقاساة السفر خلال السنتين الاخيرتين، بعد عشرية عجاف حصار لوكربي، والليبيون يستحقون بعض من الرحمة فيما بينهم.
المطارات والموانئ والمنافذ مواقع سيادية مطلقة للدولة، وفي هذه المرحلة والوضع والظرف مطار امعيتيقة وبنينا يأتيان في قمة الأسبقية واولوية الأهمية، ومن ثمة تلحقهما توالياً وتدريجياً باقي المواقع. ولا يعقل منطقاً ولا قانوناً ان يكون مطار امعيتيقة ملكاً وتحت سيطرة او سطوة او نفوذ اي جهة او كتيبة او منطقة او قبيلة مهما كانت المبررات.
كما انه من الإجحاف والجحود بخس ونكران الجهود الكبيرة لمن يحمون ويسيرون المطار اليوم، وجهودهم لابعاد وتجنيب المطار التجاذبات السياسية، ولكن ذلك قد يكون في مهب رياح اي حريق- لا قدر الله.
حجة ان لا بديل يمكنه حماية وإدارة المطار، يمكن تجاوزها:
- اولاً، بأن تظهر الجهات المسيطرة حسن نيتها وحرصها الوطني، وهذا العشم المنتظر والمتوقع.
- ثانياً، لا يعقل ان الدولة- مهما كانت تحدياتها وظروفها- تعجز عن تنظيم 1000 شرطي وجمركي واداري لتسلم العمل في المطار، تدعهم قوة حماية من 1000 عسكري مجهز ومنضبط. ولعل ذلك بداية يبنى عليها.
- ثالثا، نعم، الدولة محتاجة جداً إلى تفاهم والتفاف وموقف إيجابي من الرأي العام لمساندتها ودعمها، وايضاً لممارسة الضغوط السلمية على اي عرقلة او تقاعس او تلكؤ اي كان مصدره.
ربما، بهذه الخطوة يمكننا تجنب اي حادث، قد يكون عارض، ويتطور سلبياً. كما انه ينطبق علية "عصفوران بحجرة واحدة" بحيث ان الدولة تحمي المطار وتدشن عودة اجهزة الامن والحماية لأداء وظيفتها، باعتبار ان اجهزة الامن محايدة امام جميع المواطنين، وانها أفرادها يطيعون ويتقيدون بالقانون ولهم تراتبية وزي ومظهر رسمي، وانها لا تتبع جهة او منطقة او ايديولوجية ، وان ولائها للدولة وتعليماتها. ما سبق يسري كله على ميناء طرابلس ايضاً، وباقي المنافذ.
طرق وتناول الموضوع، لا يهدف إلى فتح جرح جديد في جسد الوطن النازف، ولكن للاحتياط والوقاية وتدارك الأسوأ، مع توقع ان يكون صاحب السطور مخطئ ولا إحاطة وافية بالموضوع، وانه لا دافع سياسي وراء طرح الموضوع. مع ادراك لعواقب نتيجة هذا التنبيه. وفي كل الاحوال مهما طال الامر وتعاظم الثمن ستعود يوما للدولة سيادتها على إقليمها ومؤسساته. والله والوطن وراء القصد.
ورجاء اخير، ان نركز على التناول الموضوعي بعيداً عن الشخصنة وتصفية الحسابات المؤقتة.