الكهرباء في عالمنا المعاصر عصب الحياة ولكنها في ليبيا صارت من منغصات الحياة لانقطاعها الغريب المريب في بلدٍ يسبح فوق بحيرة من نفطٍ وغاز... طيلة الخمس سنوات الماضية لم تنتظم شبكات الكهرباء ولم تفعل أي خطة حقيقية لحل الأزمة التي تتفاقم مع كل الحكومات وكأن من مهام هذه الحكومات المرتعشة أن تزيد الشبكة سوءاً وليل البلاد حلكة وحياة المواطن نكداً.
طرابلس عاصمة البلاد، طالما تحدث الجميع عن صبرها الذي يبدو أنه نفذ مع وصول أزمة الكهرباءِ لذروتها صائفة هذا العام ومع حلول شهر رمضان وسط أجواء القيظ اللافح والحر الشديد.
ولأن المصائب لاتأتي فرادى رافق هذا بل وسبقه انعدام السيولة واستشراء الغلاء الفاحش.. ورفض حكام ليبيا غرباً العملة الورقية التي طُبِعت في روسيا وبادر المصرف المركزي من مقره شرق البلاد أن يرسل نصيبَ غربها، مازاد من الاحتقان الشعبي في العاصمة.
طرابلس التي أعرفها تحتمل لوقت يسير قسوة الحكام وبلاهتهم لكنها تنفجر حين يتعلق الأمر بحياة الناس وحقوقهم وراحتهم... طالما وحد الألم العاصمة.. وكم رأت من عهود.. طرابلس تصبر لتنفجر.. وتتحرك حين يزعج العابثون ليلها الأثير.
الاحتجاجات الشعبية لازالت متواصلة تنتقل من حي طرابلسي إلى آخر ونيران إطارات المتظاهرين المشتعلة تضيء ظلام العاصمة.
ظلام يلف البلاد.. لاضوء سوى ضوء النيران الغاضبة.. و لاصوت سوى دوي المولدات الصغيرة التي تزود الأهالي بالنذر اليسير من احتياجاتهم للكهرباء ربما للاضاءة وللثلاجات وشحن الهواتف لاغير، هذا إذا لم نأخذ بالحسبان العلائلات ذات الدخل المحدود غير القادرة على شراء المولدات.
طرح الأحمال اليومي بلغ ذروته من 14- 16 ساعة.. هذا في العاصمة أما في غير مناطق فالمأساة أكبر.. جنوباً على سبيل المثال لا الحصر وصل الانقطاع اليومي للكهرباء إلى اثنين وعشرين ساعة يومياً مايعني أن المواطن الليبي يتنعم ويتمتع بنعمِ عصب الحياة ساعتين في اليومِ لا أكثر.
* سبق نشر المقال بموقع (218tv).