هل على أعينهم وأبصارهم غشاوة؟ وإلى متى هذه الغشاوة؟... يقول الله عزّ وجلّ: {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ}... لماذا لا يقولونها صراحة؟ إنهم لا يريدون رؤية الواقع الليبي على حقيقته.
هناك من يقول أن "الحوار السياسي واجتماع تونس هو الفرصة الأخيرة"... للوصول إلى توافقات..!! هذه التوافقات التي يحرصون على انجازها هي توافقات مؤقتة.. ولكنّ من أطرافها، وهل هم يمثّلون ليبيا فعلاً؟ هل هذه التوافقات المؤقتة لصالح ليبيا أم أنها لتحقيق مصالح "شخصية أو حزبية أو جماعية أو جهوية"؟ كل هذه التوافقات تهدف لترسيخ مرحلة انتقالية مؤقتة رابعة.. وقد تصل هذه المرحلة الانتقالية الجديدة المؤقتة لسنوات وسنوات... تليها اجتماعات أخرى لتحقيق مرحلة مؤقتة خامسة...لسنوات وسنوات... وهكذا...!!!
إن دماء المتصارعين على السلطة تزداد حُمْرة ونضارة، ودماء الليبيين تُسفك وأرواحهم تُهدر بلا هوادة. هل وضعوا نصب أعينهم حال المواطن الليبي المهجّر والمشرّد والنازح داخل ليبيا وخارجها؟ هل يسمعون بكاء الثكالى والأرامل والأيتام، وأنين الأطفال والعجائز والشيوخ في العراء... دون أكل ولا غطاء؟ إلى متى يدوم مستنقع الدماء؟ ألا يكفينا تقتيل وتهجير وتشريد وبؤس وشقاء وضنك العيش؟ لماذا لا يبصرون؟ لماذا لا يسمعون؟ لماذا لا يفقهون؟ لماذا لا يزيحون الغشاوة ويبصرون الحقيقة الساطعة؟
إن خلاصة المراحل الانتقالية جميعها... ستكون مرحلة استقرار وفق احكام الدستور...!!!! لماذا لا يتبصّرون في الوثيقة الدستورية لعلّها تكون سبباً لحقن الدماء؟ لماذا لا يفتحون أعينهم على "مشروع الدستور" التوافقي الحقيقي الذي أقرته الهيئة التأسيسية يوم 19/4/2016 بمقر الهيئة بمدينة البيضاء بتوافق عدد (37 عضوا وعضوة، وهم منتخبون انتخابا حـرّا ومباشراً من الدوائر الانتخابية في كل أنحاء ليبيا)؟
لماذا لا يقتنعون أن الهيئة التأسيسية منتخبة من الشعب لهدف واحد وهو صياغة مشروع الدستور الذي يؤسس لمرحلة استقرار وأمن وسلام، وينهي حقبة الصراع المسلّح على السلطة لترسيخ مبدأ التداول السلمي على السلطة؟ لماذا لا يفتحون أعينهم وأبصارهم على حقيقة أن الحل الحقيقي هو الدستور؟ لماذا لا يتنازلون عن كبريائهم ويقتنعون بالحقيقة الساطعة كالشمس؟ لماذا يصادرون حق الشعب وهو صاحب الكلمة النهائية والفاصلة من الاستفتاء على مشروع الدستور بـ(نعم) أو (لا)؟ لماذا يحاولون فرض وصاية على الشعب الليبي؟ لماذا يحاولون حرمان الشعب من ممارسة حقه الدستوري؟ لماذا لا يقولونها صراحة؟... لماذا لا يعترفون؟ من هو الذي يهاب قيام دولة القانون؟ لماذا لا يقولون أنهم لا يريدون قيام الدولة الليبية الجديدة؟ دولة القانون والعدالة والمؤسسات والتداول السلمي على السلطة.. دولة الحقوق والحريات واستقلال القضاء... الدولة التي يخضع فيها السلطان لحكم القانون والقضاء.
لماذا لا يقولونها صراحة... أنهم يهابون قيام دولة القانون... لأنهم يخافون من الخضوع للقانون ويخافون من المثول أمام القضاء عن كل ما اقترفته أيديهم في حقِّ ليبيا؟ إنهم يخافون من المساءلة في ظل قيام دولة القانون. لماذا لا يعترفون بذلك صراحة أمام الشعب... ويطلبون صفح الشعب الليبي؟ لماذا على ليبيا أن تكون رهينة بيد من لا يعرف قيمة ليبيا؟ وبيد من لا يعرف قيمة دماء وأرواح أهل ليبيا؟ من هم أولئك الذين يقرّرون مصير ليبيا خارج ليبيا؟ وهل مصالحهم الحقيقية في ليبيا؟
الشعب الليبي هو من يملك تقرير مصير ليبيا... والدستور هو الحل الحقيقي... حفظ الله ليبيا.
أ. عمر النعاس
7/9/2016