الذي لاشك فيه ان دخول مجلس النواب في حوارات مع المنقلبين على الشرعية، وسوء اداء فريقه للحوار "عصابة الأربعة" كان البداية لسحب بساط الشرعية من تحت اقدامه، المؤسف له حقا ان تستمر العصابة في تمثيل مجلس النواب رغم الاتفاق على اختيار فريق موسع، رئيس فريق الحوار ما انفك يخرج علينا من ان ليس بالإمكان افضل مما كان.
لقد افلحت الضغوطات الدولية على المجلس النيابي بإذعانه للقبول باتفاق الصخيرات وما يحويه من سلب لصلاحياته وخاصة السيادية منها والمتمثلة في قيادة الجيش، والبنك المركزي ومؤسسة النفط الوطنية، تصديق البرلمان على الاتفاق السياسي عد انجازا لمعارضيه السياسيين حذف او تعليق المادة الثامنة من قبل البرلمان لم يجدي نفعا، اخذ المجلس الرئاسي يمارس دوره واعتبر دوليا، كيانا شرعيا اوحد ممثلا لليبيين، يستقبل اعضاءه في كافة العواصم، توجه لهم الدعوات لحضور المحافل الدولية والإقليمية، اما مجلس النواب فقد اضحى شاهد زور على التدخل الدولي في كافة مناحي الحياة ، يصول السفراء الاجانب ويجولون في كافة ربوع الوطن، يعبرون عن مطالبهم بكل جرأة، لقد اختزل دور مجلس النواب فأصبح مجرد ختم للتصديق على ما يريده من اوصل البلد الى هذا الوضع المتردي.
رفض النواب للتشكيلة الحكومية الثانية، اعتبر دوليا انتصارا للمجلس الرئاسي، حيث سيستمر الوزراء المكلفون من قبله تسيير الاعمال الى حين المصادقة على التشكيلة الجديدة، لم يعد الوقت يهم كثيرا، فالرئاسي اصبح امرا واقعا، له جيشه وبنكه المركزي، يتمركز في العاصمة، يؤمُّه زوار اقليميين للفوز ببعض العقود، ومحليون (رؤساء مجالس عسكرية ومدنية لبعض المناطق) طلبا للود والظفر ببعض المساعدات بعد ان ادركوا ان خذلانهم لمجلس النواب والمؤسسات التابعة له، قد ساهمت بطريقة مباشرة في اضعافه محليا ودوليا.
تُرى هل تغيرت الظروف التي جعلت عضوين بالمجلس الرئاسي يقاطعان اعماله حتى يطلب مجلس النواب اليهما العودة؟ لا نعتقد ذلك، فالعاصمة لا تزال ترزح تحت نير الميليشيات الخارجة عن الشرعية، بل رأينا ان المجلس الرئاسي اصبغ عليها الشرعية وادخلها ضمن حرسه الرئاسي، المجلس الرئاسي ذو الطيف السياسي الواحد لا يزال يصدر قراراته بمن حضر، القرارات تؤخذ بالمغالبة وليس بالتوافق وبالتالي لا فائدة من عودتهما بل وجودهما يضفي على المجلس الشرعية.
لقد عمل المجتمع الدولي من خلال ادواته المحلية على تضييق الخناق على المواطن، خلقوا ازمات الكهرباء والسيولة النقدية وارتفاع اسعار السلع والمواد الضرورية، وجعلوها تتفاقم يوما بعد اخر وتستمر معاناة المواطن وجعلها وسيلة للضغط على الشرفاء من النواب الذين لم تجدي معهم كافة وسائل الترغيب والترهيب للقبول بحكومة "الوصاية" الامر الواقع.
عدم تطبيق اللوائح الداخلية بمجلس النواب بشان المتغيبين عن حضور الجلسات بدون اعذار، جعل هؤلاء يلتحقون بالمجلس بعد ان اطمأنوا الى تحقيق مطالبهم والمتمثلة في الاعتراف بالمؤتمر الوطني كأمر واقع رغم انتهاء صلاحيته، ومن ثم باشروا بإعطاء الوعود بالمناصب، وبالتالي احداث شرخ في مجلس النواب وجعله شبه معطل، لتقوية المجلس الرئاسي، ليعيث في البلاد فسادا وتنفيذ اجندات دولية واقليمية، خاصة وان المجلس الرئاسي من طيف سياسي واحد وكذا مجلس الدولة، وهذا الطيف يحاول السيطرة على مجلس النواب من خلال الدعوة الى تغيير رئاسته.ومن ثم يسيطرون على مفاصل "الدولة" الثلاثة، لنقُل على الوطن السلام.
لقد اثبت الغرب للشعب الليبي بان الديمقراطية التي طالما شنفوا آذانه بها مجرد سراب لا يمكن الوصول اليه رغم انهر الدم التي لم تكف عن الجريان، والدمار الشامل والظلام الدامس، فالعملاء هم الذين يحكمون وفقط.
ميلاد عمر المزوغي