مقالات

الحسين المسوري

سداسي كرة القدم وانتخابات الرئيس

أرشيف الكاتب
2023/07/21 على الساعة 14:12

في الأسبوع الماضي، تفجر الخلاف بين الأندية المتنافسة في الدور السداسي من أجل التتويج بالترتيب الأول ببطولة الدوري الليبي لكرة القدم، وتبادل رؤساء الأندية والمسؤولون في اتحاد اللعبة الاتهامات، وكل طرف يقول إنه على حق، حيث أعلن الأهلي طرابلس أنه توج بالبطولة، بينما أعلن الأهلي بنغازي والاتحاد طرابلس اعتراضهما وعدم اعترافهما بذلك، في مشهد عبثي أعتقد أنه يتجاوز كرة القدم إلى أبعد من ذلك، حيث إن إمكانية قيام الدولة الديمقراطية ذات النظام الجمهوري، التي يتغير فيها رأس الدولة كل 4 سنوات عبر انتخابات رئاسية، أمر من الصعب أن نراه في ليبيا، إن لم يكن مستحيلا.

لأنه في المجتمعات الأبوية أعتقد أنه غالبا ما يُنظر إلى الجائزة الأولى على أنها جائزة تقديرية لا يصح أو يجوز التنافس عليها، فهي تمنح تقديرا وتشريفا للأب أو الجد أو شيخ القبيلة أو شيخ الجامع أو الأمير دون سواه، فهذه الجائزة خلقت له، ولا يجوز لأحد أن ينازعها عليها من بقية المجتمع الذي هو رعية عند ولي الأمر، حيث لا بد من راع للمجتمع الأبوي، بل حتى أكبر الأندية، لم تستطيع أن تستغني عن الراعي، فانتقلت من الساعدي ومحمد القذافي إلى هيثم التاجوري واغنيوة.

لذلك أعتقد أن المعطيات التي يجب أن تتوافر لإجراء سباق التنافس على الجائزة الأولى غير متوافرة في المجتمعات الأبوية، ومنها مجتمعنا الليبي الذي وصل إلى درجة أنه حتى الجائزة الأولى على مستوى لعبة كرة القدم لم يعد بالإمكان القبول بخسارتها، والإقرار بذلك، وتهنئة الفائز بها، فكل فريق يعتقد أنه هو الأجدر بها، ولا يجوز للفرق الأخرى حتى منافسته عليها، وعندما يرون أن فريقهم أصبح خارج المنافسة، فإنه يجب تخريب السباق، وإلغاء المسابقة، وهي بمثابة فكرة إلغاء الانتخابات الرئاسية التي يدعمها البعض من خلفية أن مرشحهم لن يفوز بها.

أزمة «الجائزة الأولى» هي أزمة مستمرة في المجتمعات الأبوية، ومن هنا أعتقد أنه لا يختلف اثنان على أن مجتمعنا الليبي هو مجتمع أبوي بامتياز، وهكذا مجتمع لم تنجح فيه تجربة النظام الجمهوري بسبب مشكلة تغيير رأس الدولة كل 4 أو 5 سنوات عبر الانتخابات، وهذا في مجتمعنا العربي بشكل عام مغامرة في الغالب تؤدي إلى حصول خلاف بين المرشحين، تنتج عنه حروب وانهيار الدولة وتفكك المجتمع.

وعلى الرغم من أنني من أنصار النظام الجمهوري كأرقى ما وصلت إليه البشرية في أشكال أنظمة الحكم، ولكن من تجارب الدول التي تمر بانتقال سياسي أو تواجه صعوبات في عملية انتقال السلطة حد الصراع المسلح، فإن هذه التجارب تؤكد أن النظام الجمهوري لا يمكن تطبيقه بشكل صحيح، فإما أن يسقط وتسقط معه الدولة أو يصبح الرئيس مدى الحياة، كما فعل حافظ الأسد في سورية، ومبارك في مصر، والقذافي في ليبيا، وعلي عبدالله صالح في اليمن، فكثير ممن نبذوا النظام الملكي عندما وصلوا إلى السلطة حوّلوا الجمهوريات إلى وراثية، ولم يُخرجهم من السلطة إلا انقلاب أو ثورة أو حروب أهلية عصفت بهم، وبالدولة والمجتمع.

أضف إلى ذلك أن الدول التي يعتمد اقتصادها على الدخل الريعي إذا لم تكن إدارة هذا الدخل في إطار ملكية دستورية، فإن هذا الدخل يتحول إلى غنيمة تستمر الحروب والصراعات حول من يسيطر عليها، وعندنا نموذج دول الخليج من جهة، والعراق وليبيا، ودون نظام ملكي يبقى الدخل الريعي «مال سايب»!!!.

أخيرا.. النظام الملكي ليس مثاليا، ولكنه الأنجح في الاستقرار والتنمية في منطقتنا، ولدينا دول الخليج والعراق وليبيا التي يجمعها الدخل الريعي والثروات الطبيعية، ولكن الفارق واضح في الاستقرار والتنمية بين دبي وأبوظبي ومسقط والدوحة من جهة، وبغداد والبصرة وبنغازي وطرابلس.

الحسين المسوري

لا تعليقات على هذا الموضوع
آخر الأخبار
إستفتاء
ما التقييم الذي تسنده لـ"السقيفة الليبية" (بوابة ليبيا المستقبل الثقافية)
جيد جدا
جيد
متوسط
دون المتوسط
ضعيف
كود التحقق :
+
إعادة
لمتابعة ليبيا المستقبل
جميع المقالات والأراء التي تنشر في هذا الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع