الأورغانون هي في الاصل مجموعة من كتب المنطق لأرسطو و«أورغانون» كلمة إغريقية بمعنى «الآلة». وعُرِفت بهذا الاسم لأن المنطق عند أرسطو هو «آلة العلم» أو وسيلته للوصول إلى الحقائق المفسرة لقوانين الطبيعة لطبيعة المادة.
![]() |
أراد فرنسيس بيكون تطوير منهج ارسطو فكتب كتابه الشهير (الارغانون الجديد) يتجاوز فيه منهج ارسطو في المنطق الصوري إلى إبتكار المنهج التجربي المعاصر(Experimental method).. كتاب الارغانون الجديد لفرنسيس بيكون أصبح المصدر الاول للمنهج العلمي الحديث الذي بفضله تحقق التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه اليوم.
هذا الكتاب يقدم إنجاز منهجي كبير وذلك بتحديد اربعة عوامل تدفعنا للوقوع في الخطأ على شكل أوهام أربعة يتوهمها العقل وتجعله يقع في الخطأ، هذا الدرس ضروري لكل مثقف رصين وباحث علمي جاد، درس يقدمه فيلسوف ورائد المناهج البحث العلمي ومبتكر المنهج التجريبي.
يقول فرنسيس بيكون العقل البشري لا يستطيع التفكير بدون أخطاء، بل من السهل أن يقع تحت أوهام تضلله، وتجعله يقع في أخطاء عند ممارسة عملية التفكير، والكثير منا لايعرف هذه الاوهام الشائعة والمشتركة بين كل المجتمعات البشرية، أوهام لايمكن التخلص منها بسهولة تعود هذه الاخطاء لطبيعة العقل البشري الذي يتصف بالتسرع في إصدار الاحكام الذاتية ويميل إلى التعميم والتنميط والتصنيف والتوصيف، وهذه الأخطأ يمكن التخفيف منها عن طريق الكشف عن أسبابها، ونتعلم كيف نستخدم عقولنا بطريقة منهجية.
يقول فرنسيس بيكون فيلسوف (المنهج العلمي) الفذ، بأن كل مايقع فيه الانسان من مليارات الأخطاء تعود فقط لأربعة عوامل يمكن معرفتها وتحاشي الوقوع فيها قدر الإمكان، هذه العوامل الاربعة التي حددها الفيلسوف فرنسيس يبكون كما يلي:
1- أوهام الجنس
2- أوهام الكهف
3- أوهام السوق
4-أوهام المسرح
أوهام الجنس: هي كل الاخطاء التي يقع فيها الانسان بحكم طبيعته البشرية، وهى تعود لقصور حواسنا عن الاحساس بالدقة المطلوبة، وعجزها على تقدير الاوزان بدقة ولهذا وجدت آلة الميزان والاوزان من الغرام والكيلو إلى القنطار والطن، ووضع الانسان المكاييل من اللتر إلى البرميل للعدم دقته في تقدير كمية السوائل، وصمم الانسان المناظير المجاهر لكي يعوض عجزه البصري في رؤية الاشياء الدقيقة، وأعتقد أن قائمة الطويلة لأجهزة القياس التي يستعين بها الإنسان لتعويض عجزه قد حقق تقدم كبير في حياته بسبب دقة الموزين والمكاييل والمناظير المسابير.
الحواس الخمس قد تساهم في تضليل الانسان كأن ترى الارض ثاتبة والشمس تدور حول الارض أو ترى (السراب في الصحراء ماء) أو ترى الملعقة مكسورة في كوب الماء، وهذا النوع من الوهم الناتج عن قصور الحواس عام يستوي فيه المتعلم مع الأمي والكبير مع الصغير.
البقية تأتي… في المنشور القادم نشرح العامل الثاني وهو (أوهام الكهف).