الضربات الجوية الأميركية ضد داعش في سرت دعماً لقوات البنيان المرصوص وقبلها التدخل الاستخباراتي الفرنسي شرق البلاد دعماً لحرب الجيش الوطني ضد قوى التطرف قسمت رأي الشارع الليبي إلى فسطاطين برعاية إعلام أوروبي أميركي تباينت معالجته للهجوم الارهابي في القوارشة الذي أودى بحياة عناصر من الجيش الوطني تجاوز عددهم العشرين.
و ها هو ذا الشارع الليبي تشغله أحاجي السياسة وألغاز الأجندات المريبة العجيبة.. ها هو.. رغم رحلة المعاناة اليومية مع انعدام السيولة وغلاء الأسعار الفاحش في الغذاء والملبس والدواء وعموم عناصر المعيشة وغياب الأمن والآمان وانتشار فوضى السلاح والاختتطاف والاقتتال.. إلا أن حديث الساعة لديه عبر عالمه الافتراضي على فيس بوك وتويتر.. وفي عالمه الواقعي الواقعي عبر حديث الشارع تجاوز كل هذا ليعيد الاصطفاف والثنائيات وهذه المرة مدافعاً عن تدخل فرنسي أو مناكفاً عن تدخل أميركي أو ضد ذاك ومع هذا.. بعد أن كانت المناكفات بين كرامة وفجر وثائر وزلم ووطني واسلاموي.. وبين هذا وذاك تغلف الضبابيةُ المشهد ولايجد الليبي إلا التشظي والحيرة تملأ حياته التي نكد عليها المفسدون.
وبشكلٍ موازٍ، ثمةَ أكثر من قناة أوروبية ناطقة بالعربية تصف من قضوا في التفجير الانتحاري في القوارشة بإنهم تابعون لما (يُعرف بالصاعقة)... نعم هكذ: (ما يُعرف)!!.. أما منفذو التفجير الانتحاري فوصفتهم بكل أريحية بِــ : "مجلس شورى ثوار بنغازي"!.
وهاهو بيتر كوك المتحدث بإسم البيت الأبيض يصف الضربات الجوية بأن أميركا ستقصف داعش في أي مكان يرفع رأسه، وليبيا احدى تلك الأماكن، وأن الهجمات الجوية مستمرة بلا نهاية، طالما طلبت الحكومة الليبية ذلك!!، وكأن ليبيا وسوريا والعراق حدائق خلف المحيطات والبحار تتبع الولايات المتحدة.
أما أوباما الرئيس - الذي يغادر البيت الأبيض قريباً - فيرى أن مصلحة الأمن القومي الأميركي تقتضي دعمَ معركة ليبيا ضد داعش!.. ويأتي في المقام الثاني ما أسماه بتعزيزِ الاستقرار في ليبيا.. ولا يبدو أن من اهتماماته نهوض دولةٍ ليبية وقيام شعب، لاسيما أنه لا هو ولا الناطق باسم بيته الأبيض تطرق للارهابيين في بنغازي... ولم يعد سراً أن الدافع الرئيس للتدخل الأميركي في سرت ورقة رابحة كما يراها جهابذة الحزب الديموقراطي الأميركي نصرةً لمرشحتهم المثيرة للجدل الساعية لغسل الصورة هيلاري كلينتون.
وهنا يتسائل المهتمون بالشأن الليبي والحائرون والتائهون.. هل وصل الحد بإعلام الغرب أن يعلن تأييده لمليشيات الاسلام السياسي المتطرفة ؟.. وهل تريد القوى السياسية المحركة لهذا الاعلام حقاً انهاء الإرهاب في ليبيا وعموم المنطقة؟!.
عبدالوهاب قرينقو
* سبق نشر المقالة في موقع 218tv