عبد الرسول، ساعي بريد المحبة والبناء والثقة.. عبد الرسول الوسيط الروحي بين الأجيال...
كان لعبد الرسول العريبي الفضل الكبير في تعرفنا على عدد من رجالات الثقافة الفاعلين والمؤثرين في صيرورة المشهد الثقافي في بنغازي، مثل الراحل ابراهيم العريبي رحمه الله، وخليل العريبي آمين نقابة الفنانين في بنغازي، والأديب الراحل الصحفي الضحاك (سعد نافو) والقاص سالم العبار، ومحمد المسلاتي.. وغيرهم العديد من المبدعين، أدباء وشعراء وقصاصين ونقاد وفنانين...
فقد تعرفنا ايضا من خلاله على الفنان فتحي بدر، والمذيع المتميز الراحل عبد الفتاح الوسيع، وعديد من المذيعين والمذيعات والشواعر المتميزات وغيرهم. كان عبد الرسول بمثابة الوسيط الروحي البشري بيننا وبين العديد من القامات الأدبية والشعرية الكبيرة التي كانت تجد حرجا في التعامل مع الأدباء الأصغر سنا، وفق نظرية المجايلة والتباين الثقافي أو الفوارق الثقافية بين الاجيال، وربما لأسباب ومظاهر اختلاف الاحوال بين الأجيال وثقافتها، مما يدعو لصعوبة التواصل بينها، حتى لو كانت شروط الفصل بين الأجيال مجرد أوهام. مثل ان يكون لدى جيل الكبار عدم ثقة فيمن يليهم من أجيال من الأدباء والشعراء، خاصة في ظل ظهور موجات تطور حركة الشعر العربي ودخول أشكال وبنيات جديدة ومختلفة للقصيدة العربية وشكل القصيدة الجديدة مثل الشعر الحر وشعر، التفعيلة وقصيدة النثر، ومزاحمة كل هذه البنى لقصيدة العروض العربية التقليدية، وعدم إيمان العديد من جيل الآباء التقليديين المتقدمين بهذه الأشكال الشعرية والقصصية او الروائية.. والذي أدى إلى تطور حتى أشكال الكتابة النقدية وكتابة المقالة الأدبية، ودخول مصطلحات ورؤى وافدة بما لا يتوافق والمعايير التي نشأ وتربى عليها جيل الآباء. بالإضافة إلى ظهور نخبة من الشعراء الذين تأثروا بالمدارس الإبداعية الغربية في الكتابة وهضموا مصطلحاتها وابطالها وتاريخها، وتبوأوا مواقعهم في المشهد الثقافي على نحو اضحى فيه تجاهلهم يدفع باتجاه قطيعة ثقافية مركبة ومجحفة في استكمال سياق التطور الطبيعي للمجتمعات المعرفية وفق النمو الطبيعي لأي مجتمع بشري. بل وفي بعض الأوقات حدثت نزاعات كثيرة بين الجيلين، بسبب تبني جهة او جماعة ما شكلا شعريا جديدا او جنسا ادبيا بعينه لم يعترف به بعد جيل الآباء، مما أدى في كثير من الأحيان الى شبه قطيعة ثقافية بين العديد من الجماعات..وبعضها استمر لسنوات كما نعلم.
كان عبد الرسول العريبي بمثابة الجسر الخفي العفوي لتضييق الهوة بين الأجيال وجسر تلك المسافة بين الأدباء والشعراء، من الأجيال المختلفة. فهو أحد الذين كان لهم فضل جلي في تقريب المسافة بيننا وبين شعراء وأدباء كبار مثل الشاعر حسن السنوسي والشاعر رجب الماجري رحمهما الله، والشاعر راشد الزبير السنوسي، والروائي صالح السنوسي، وأسماء أخرى كثيرة لا تستحضرها الذاكرة الآن، كما لن يتسع المجال هنا لذكرها جميعا.
راجع: