عندما خرجت الشعوب العربية في الشوارع فيما عرف بالربيع العربي، كان كل طموحاتها واحلامها هو تغيير واقعها الاجتماعي وحياتها اليومية ومعاناتها وانكسارتها، وكانت تنتظر تحقيق احلامها وآمالها في حياة كريمة، ولكن في المحصلة النهائية، هذه الشعوب لم تكسب شيئًا من خروجها في الشوارع، وتضحياتها ذهبت هباء منثورا، بل تكبدت شعوب تلك الدول التي وقعت فيها الانتفاضات الشعبية خسائر بشرية وأضرار لحقت بالبنية الأساسية والمشروعات، وفقدت ما كانت تمتلكه من انجازات ومكاسب وحتى ان كانت بسيطة.
اصحاب الايديولوجيات وسماسرة السياسة،الذين وعدوا الناس بالجنة الموعودة، باعوا احلامهم في المزاد العلني بأبخس الأثمان.. واصبحت مواعيدهم في الحرية والكرامة والحياة المدنية والرخاء مثل مواعيد عرقوب.
وبما أن الأمثال وسيلة للوصف والحكمة والتدليل على الرأي و وجهة النظر والفلسفة في الناس والعادات والتقاليد والقيم والسلوك والصفات والسمات للآخرين، فهي أبقى من الشعر وأرق من الخطابة.
ومواعيد عرقوب حسب المثل القائل "أَخْلَفُ مِنْ عُرْقُوبِ" هو ان عرقوب وعد أخاه ثمرة نخلة.. فجاء الاخ الى عرقوب حين كبرت النخلة.. يطلب منه الوفاء بوعده.. فقال له عرقوب:
- دعها حتى تصير بلحاً.. فلما أبلح.. قال عرقوب للاخ:
- دعها تصير زهواً.. فلما أزهت.. قال عرقوب:
- دعها تصير رطباً.. فلما أرطب.. قال عرقوب:
- دعها تصير تمراً.. فلما اتمرت.. ذهب عرقوب الى النخلة فقطعها.. ولم يعط اخاه منها شيئاً.
فصار مثلاً في خلف الوعد. والمراد من المثل شدة الصفة فيمن يخلف موعده. قال كعب بن زهير: (كانت مواعيد عرقوب لها مثلا.. وما مواعيدها إلا الأباطيلُ).
كذب وعود السياسين، ليس بالشئ الجديد أوالمبتكر، الشعوب ومن بينها الشعب الليبي الذي يصدق هذه الاكاذيب والوعود، هو من يتحمل جزء من المسؤولية فيما آلت اليه الامور، لانه لم يسعى بشكل جاد لنيل حقوقه وفرط في مكاسبه واختار اسواء الناس، وانتظر مما وكلهم الامانة وخانوها، ان يأتوا له بالتمر بين يديه، وهو يعلم بالمثل الشعبي الليبي الذي يقول: "التمر ما يجيبنه مراسيل"، والمعنى (اذا كنت تريد شي مهم فعليك أن تقوم بمتابعته بنفسك).
إذا كنت ترغب في جلب شيء ثمين كالتمر مثلاً من مكان قصي كالواحات، فعليك الذهاب بنفسك، أو توكّل رجلاً "مندوب الشعب" وتعطيه المال والرحولة والرفيق، أو تدفع له النفقات كاملة في أيامنا هذه، وإلاّ فلن يحضر لك شيئاً ذا بال.