مقالات

وسام عبد الكبير

ترسيم الدوائر الانتخابية في مجتمعات مابعد الصراع

أرشيف الكاتب
2023/05/20 على الساعة 20:40

إن استمرار المراحل الإنتقالية وتكرارها في الدول التي شهدت ثوراث مسلحة وحروب أهلية ناتج عن انعدام الثقة مابين القوى السياسية، والخوف من الإقصاء والمغالبة.

إن الإحتكام المطلق للمعايير والأطر الدولية لترسيم الدوائر الانتخابية والتي تعتبر بمثابة القواعد الاساسية  للعملية السياسية والتحول الديمقراطي في ليبيا دون النظر الى خصوصية الحالة الليبية، من حيث تنوع الطيف السياسي واستمرار الصراع السياسي والتوجس من مغالبة طرف سياسي أو إقليم  على باقي القوى السياسية يؤدي إلى إفشال للعملية السياسية أو انتاج مشهد سياسي مشوه يقوي طرف ويضعف الآخر، الأمر الذي قد يندر بعودة الصراع المسلح من جديد، وهذا الأمر سيكون نتاج تخوف بعض القوى السياسية من خسارة مصالحها في ظل الإنتخابات القادمة.

إن ترسيم الدوائر الانتخابية في ليبيا يجب أن يراعي الحالة الليبية من حيث التنوع السياسي و الخصوصية الجغرافية للأقاليم التاريخية، وثقافة المغالبة التي تتميز بها الشخصية الليبية، حتى تتنج الانتخابات البرلمانية القادمة جسم تشريعي متوازن من الناحية السياسية والجغرافية يجب إلا يكون الفارق في عدد المقاعد كبير جداً بين الأقاليم مما سيؤدي الى تغليب طرف سياسي.

تتحدث المادة الرابعة من التعديل الثالث عشر للأعلان الدستوري عن تشكيل مجلس النواب وأنه ينتخب بالاقتراع السري المباشر على أساس السكان والمعيار الجغرافي حيث تم الأخد بالمعيار الجغرافي عند إقرار القانون رقم 4 لسنة 2012 بشأن انتخاب المؤتمر الوطني العام  لإحداث التوازن عند رسم الدوائر الانتخابية بعد الثورة،تم الأخد بنفس المعيار في القانون رقم 10 لسنة 2014 الخاص بقانون انتخابات مجلس النواب.

المادة الرابعة من التعديل الثالث عشر  تحدد عدد النواب (نائب عن كل 30 الف نسمة أو عن كل جزء من هذا العدد يجاوز نصفه ويبعد مسافة لاتقل عن مائة كيلو متر عن التجمعات المؤهلة على أن لايقل عدد النواب في كل دائرة عن عدد نوابها المتتخب سنة 2014) حتى تحافظ هذه المادة على نسبة التوزيع السابق بين الأقاليم التاريخية الثلاث طرابلس وبرقة وفزان بشكل يحفظ التوازن والتوافق ويبعد هواجس المغالبة، كان من الأفضل أن تكون صياغتها بالشكل التالي وهي على ألا تقل نسبة كل أقليم من المقاعد عن نسبته في مجلس النواب المتتخب في سنة 2014.

في الانتخابات التشريعية في 2012 وفي 2014 تم تحديد عدد المقاعد بـ 200 مقعد بناءًا على أن عدد السكان 6 مليون نسمة، وعن كل 30 الف نسمة نائب، الناتج العام للمقاعد 200 مقعد، نسبة أقليم طرابلس 50% 100 مقعد ونسبة أقليم برقة 30% 60 مقعد ونسبة أقليم فزان 16% 31 مقعد،

ومن الواجب الحفاظ على هذه النسب وعدم فرض منطق المغالبة في ترسيم دوائر مجلس النواب القادم من خلال الاعتماد على معيار السكان الذي يمنح الاغلبية السياسية لأقاليم معينة ولا ينصف أقليم فزان الذي يمثل الحلقة الاضعف في المعادلة البرلمانية الحالية وهو يمتلك 31 مقعد من 200، ومع زيادة عدد المقاعد بالنسبة لعدد السكان 9 مليون نسمة يقابلها 300 مقعد فأن دور فزان يصبح مجرد كمبرص ومحلل للعملية السياسية و انتخابات مجلس النواب القادم، حتى يصبح من الممكن انتاج مجلس نواب توافقي في الإنتخابات القادمة وهي أول انتخابات بعد تعتر التحول الديمقراطي والعملية الإنتخابية لقرابة عشر سنوات، إضافة إلى أن العلمية السياسية الحالية جاءت بعد سلسلة من الحروب الأهلية الطاحنة بين الفرقاء السياسيين، عليه فإن الأخد بنسب التوزيع المعتمدة في انتخابات المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب الحالي، تخلق بيئة توافقية تساعد على الإعداد للمرحلة الدائمة وإقرار دستور للبلاد وتكون أكثر استقراراً، وتضع حد لاستمرار المراحل الإنتقالية.

إن الأخد بعامل السكان كمعيار رئيسي لرسم الدوائر الانتخابية  قد يؤدي الى إجهاض العملية الانتخابية وعدم قبول نتائجها من بعض القوى السياسية والأقاليم الجغرافية.

إن نسبة 16% من عدد مقاعد مجلس النواب الممنوحة لفزان هي أضعف الإيمان، والتنازل عنها أو حرمان فزان منها بمثابة إعلان فض الشراكة مع أخوتنا في الوطن، بهذه النسبة تم اقصاء فزان سياسياً وحرمانها من رئاسة أي منصب سيادي  وإبعادها عن المناصب العليا، مع توزيع ظالم وغير عادل للموارد على الرغم ماتمتلكه فزان من موارد طبيعية وأهمية استراتيجية.

إن قبول الفزازنة ب 31 مقعد من 300 اي مايمثل 10% من عدد مقاعد مجلس النواب القادم وكأنها كوته تخص فئة من فئات المجتمع هو تفريط وتسليم  في حقوقهم، وظلم صارخ وتجاوز لأبجديات التاريخ واسس الجغرافبا، فزان لم تطالب بتطبيق المعيار الجغرافي في توزيع مقاعد مجلس الشيوخ بالتساوي، وتم ذلك في إطار صراع الاقاليم المتنفذة (طرابلس وبرقة)، وبالتالي فزان لن تقبل بفرض معيار السكان على توزيع مقاعد مجلس النواب القادم وهي متمسكة وبقوة بنسبة 16% من إجمالي مقاعد مجلس النواب القادم إلى حين انتهاء المراحل الانتقالية و إقرار دستور دائم للبلاد.

وأخيراً في حال تم اعتماد 300 مقعد لمجلس النواب القادم فإن نصيب فزان والذي يمثل 16% من عدد المقاعد هو 46 مقعد، وإلا فلا خيار آخر أمام الفزازنة إلا إعلان مقاطعة الإنتخابات.

وسام عبد الكبير

لا تعليقات على هذا الموضوع
آخر الأخبار
إستفتاء
ما التقييم الذي تسنده لـ"السقيفة الليبية" (بوابة ليبيا المستقبل الثقافية)
جيد جدا
جيد
متوسط
دون المتوسط
ضعيف
كود التحقق :
+
إعادة
لمتابعة ليبيا المستقبل
جميع المقالات والأراء التي تنشر في هذا الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع