يكثر ذكر الله تعالى في آيات القرآن الكريم، ويشار إلى كمال صفاته، وتتحدث الآيات وتدعو إلى توحيده، وتنفي عنه الشركاء والزوج والولد والشبه أو التمثل بشيء من مخلوقاته، وتحث على التأمل والنظر والتدبر في بديع صنعه وقدرته المطلقة، وخلقه للسماوات والأرض والإنسان وبقية الكائنات. وتقدم العديد من مشاهد الحوار الدائر بين الرسل وأقوامهم، ودعوتهم إلى عبادة الله ونبذ ما كانوا قد ألفوه من عبادة لأصنام اتخذوها آلهة لهم. لا نفع يرتجى منها ولا يخشى منها ضرر.
• الــــــوجود
وتخبر الآيات عن اتساع وجوده.. الحي، العليم، المدبر، باتساع الكون "ولله المشرق والمغرب فأينما تُولُّوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم". [البقرة 115] وهو مع عباده حيثما حلوا {وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير}. [الحديد 4]... له العلم الكلي بما حدث وما هو قائم، الموجود بشمول الإحاطة بالوجود {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلاًّ بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم}. [البقرة 255]... الله رب العباد وخالقهم موجد الوجود المنزه عن المثل والشبه بشيء من مخلوقاته... {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}. [لأنعام 103]
• الوحدانيـــــة
الشهادة بوحدانية الله وبأنه الله الواحد الفرد لا شريك له، والإقرار برسالة نبيه محمد. تلك هي قاعدة الإيمان وفاتحة العبور للدخول في دين الإسلام. والله يشهد لنفسه والصفوة من عباده يشهدون بتوحيده {شهد الله أنه لا اله إلاًّ هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا اله إلاًّ هو العزيز الحكيم}. [آل عمران 18]... وهو الله الواحد المتفرد بالخلق البارئ المصور {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا اله إلاًّ هو العزيز الحكيم}. [آل عمران 7]... وهو الله واجب التوحيد {وإلهكم إله واحد لا اله إلاًّ هو الرحمن الرحيم}. [البقرة 163]... وهو الله الواحد الخالق المستوجب للعبادة {ذلكم الله ربكم لا اله إلاًّ هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل}. [الأنعام 102]. ويتكرر ذكر التوحيد ويستعاد النص عليه في الكثير من آيات السور مرتبطا بصفات الله وأسمائه الحسنى {هو الله الذي لا إله إلاًّ هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم. هو الله الذي لا إله إلاًّ هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون. هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}. كذلك يتكرر الإخبار بأنه المتفرد بالإلهية لجميع المخلوقات، لا اله غيره ولا رب سواه {الله لا اله إلاًّ هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم}. [البقرة 255]... وهو الله الذي يرتبط مع ذكره التوحيد {ألم الله لا إله إلاًّ هو الحي القيوم}. [آل عمران 1 و 2]... وهو الله الواحد الذي له الأسماء الحسنى {الله لا إله إلاًّ هو له الأسماء الحسنى} [طه 8]... وتختص سورة الإخلاص بالتعريف بالله تعالى، ومما يروى عن أسباب نزولها أن المشركين من قريش، قالوا للنبي (ص) "يا محمد أنسب لنا ربك فأنزل الله تعالى {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد}. ويقول رسول الله (ص) عن هذه السورة "لكل شيء نسبة، ونسبة الله {قل هو الله أحد الله الصمد". [تفسير إبن كثير الإختصار ج2 ص44]
• الشرك بالله
ويتحدث القرآن الكريم عن المشركين الذين اتخذوا مع الله آلهة وجعلوا له شركاء يعظمونهم ويعتقدون في قدرتهم ويولونهم من المكانة بالقدر الذي يولونه لله، فيتوعدهم بشديد العذاب.. {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشدُّ حبا لله ولو يروا الذين ظلموا إذ يروا العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب} [البقرة 165]... ويقدم القرآن الكريم أمثلة من أولئك الذين كانوا يشركونهم في عبادته فيقول "وجعلوا لله شركاء الجن وخَلَقَهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم}. [الأنعام 100-101]... المشركون يعبدون أصناما لا تملك شيئا ولا تنفع ولا تضر اتبعوا في عبادتها ما أوحت إليهم أوهامهم وظنونهم بشأنها ولا دليل أو برهان على حقيقتها، معدومة القدرة والحول {ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن إن هم إلا يخرصون}. [يونس 65-66]... والله المنزه عن الشرك هو الخالق الرازق الذي يحي ويميت، وليس لمن يدعون بشركهم من له القدرة على فعل شيء من ذلك {الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلك من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون}. [الروم 40]
يتبع......
سالم قنيبر
بنغازي - 23 أغسطس 2016