ورد في الاية 40 من سورة الروم قوله سبحانه وتعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} وقد أستوقفني هذا الجزء من الاية الكريمة، وأجتهدت في البحث عن التفسير القراني العلمي لها، ووجدت أن كثير من المفسرين أتفقوا في المجمل على أن هذه الآية الكريمة بظاهر لفظها عامة لا تختص بزمان محدد أو بمكان واحد معروف، أوحتى بواقعة خاصة،حصلت على مدار التاريخ الإنساني أو يتنبأ القران الكريم بحدوثها، فالبحر في الاية الكريمة هو البحر بمعناه الدال عليه ويعرفه الناس جميعا، وكذلك البر وهذا ماحفزني في هذا المقال لتقريب ماورد في هذه الاية الكريمة، ومحاولة تطبيقه على مايحدث عندنا في ليبيا على هذا النحو:
فالفساد في البر الليبي ظهر وبان، ولانملك إلا الدعاء لله بأن يلطف بنا ويخفف علينا، وما المصائب والبلايا التي تصيبنا، ونبتلى بها ألا تأكيد على أن الفساد قد حل ببلادنا بكل معانيه واختلاف أنواعه، سواء بمعناه اللغوي والظاهر والمعروف بذهاب النفع عن شيء ما وعدم الاستفادة منه، وأنتهاء صلاحيته، أو حتى بمعناه المادي الملموس المتضمن شيوع الاعمال والافعال السيئة والغير صالحة التي لاترتضيها النفس البشرية العاقلة المتزنة، ولا بمعناه المعنوي المتضمن فساد المعاملات الاخلاقيات والسلوكيات والتعامل بين أبناء الوطن الواحد . خصوصا مايحدث من تقاتل ودعوة ملحة ومتواصلة لللاقتتال بين الليبيين فيما بينهم، وإذكاء نار الفتنة والحرص على مواصلة أشعال نارها، فيقتل الأخ أخيه دون أي شعور بالذنب أو بتأنيب الضمير أو حتى لايكترث برد فعل المحيطين به والذي يعيش بينهم، وتطور الفساد في البر عند الليبين ليصل درجات ماسبقنا أليه أحد على مر التاريخ، فيتم التمثيل بالإنسان الميت، والتنكيل بجتته، ويسعى القاتل ويجتهد في أختراع ابشع الطرق وأكترها قساوة ليعذب ويفتك ويقتل فرد من بني جنسه، يؤمن بما يؤمن به هو ومأختلافهم إلا لاسباب واهية وغير مقنعة إذا ماقورنت بالنتيجة التي أدت به لقتل النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق.
أما الفساد في البحر فليس أقله مايحدث من تلوثه بقاذورات وقمامة ومخلفات صناعية وغيرها، دون أدنى أهتمام بالمنوط بهم حمايته، والحفاظ عليه من التلوث، وتلوثه أيضا بجتت الهاربين والمهاجرين الذين أبتلعهم البحر الليبي، وتحولوا لطعام سائغ لللاسماك الليبية التي صار بعض الليبيين يتمنعون عن أصطيادها ربما لهذا السبب، ولا أكثره مايحدث في البحر الليبي من سفن تهرب النفط الليبي وتبيعه، بلامتابع ولامحاسب ولا راصد لها تنهب بترول الليبيين وقوتهم الوحيد وتحرم المحتاجين إليه لتبيعه في عرض البحر خارج أشراف الدولة ومراقبتها، فلارقابة من الدولة الليبية على النفط الذي خرج عن سيطرتها ليتم تهريبه وبيعة بأبخس الاثمان، لويستفيد منه الفاسدين وتمتلى جيوب المفسدين بمال النفط الحرام لتحرم البلاد وهي في أشد الحاجة إليه، ويتنعم به بارونات الفساد.
يحدث هذا في بر ليبيا وبحرها بما كسبت أيدي الليبيين، ونسال الله أن يساعدنا ويعطينا القوة والامل والصبر لنرجع اليه ونطهر أرضنا وبحرنا وجونا من الفساد والمفسدين.
سالم أبوظهير
* ينشر في إطار الشراكة مع صحيفة "فسانيا".