هنالك قاعدة مهمة في التفاوض السياسي ومعروفة بقاعدة إرهاق الخصم حتي يرضخ للشروط التي تطرحها له.. حيث يتم إدخال عامل الزمن كعنصر مهم يتم من خلاله ربح الوقت وتأجيل أي طلب الي مرحلة أخري وبهذا ما كان مرفوض في زمن ما يصبح مقبولا في زمن اخر ومعرفة زمن استحقاقات الطرف الآخر كموعد الانتخابات مثلا والتي يريد أن يحقق بها المفاوض نصرا. وهذا ما أسماه ثعلب السياسة الأمريكية كيسنجر بالغموض البناء.
من جهة اخري يقول بيكر وزير خارجية أمريكا الأسبق ان الرئيس حافظ الأسد كان يستعمل ما أسماه (دبلوماسية المثانة). دبلوماسية المثانة ترتكز علي أن يبدأ الرئيس الأسد في المفاوضات مع خصمه أوالوسيط بحديث طويل يبدأ بتاريخ بتاريخية صراع العربي الإسرائيلي ويتخلل الحديث الطويل تقديم مشروب عصير الليمون، يؤدي الليمون الي عملية ادرار البول مما يجعل الضيف في وضع مشتت بعد طول الساعات من الاستماع حيث يؤدي حصر البول الى اهتزاز في القدرة على التفاوض وبهذا يربح الرئيس الجولة في التفاوض.
سياسة المتاهة هي أيضا أصبحت واضحة للعيان في ليبيا حيث يستعملها أحد الأطراف المستفيدة من الوقت كعنصر مهم ليضغظ به للحصول علي موافقة الطرف الآخر للقبول بشروطه. وما ان تنتهي مشكلة حتي تظهر اخري وهذا ما لاحظناه مؤخرا في ليبيا من عملية إدامة انقطاع التيار الكهربي وعدم توفير السيولة والدقيق ناهيك عن حالات القتل والخطف والسرقة ليرضخ الشارع لأي حل مطروح حتي وان كان معيبا.
كثير من الساسة الليبين اليوم يمارس بوعي أولا وعي هذه الدبلوماسية والسياسة وهي سياسة "اللا ساسة" حيث يبدأ الحديث منذ عهد القذافي اوربما قبله ويرمي كل الأخطاء عليه ويشرق ويغرب دون الدخول في الموضوع وتوصيف المشكل وطرح الحلول قبل أن يحترق البيت ويهدم المعبد علي من فيه.
المشكل يا ساسة واضح ولا يحتاج الي مزيد من أكواب الليمون في الغرف المكيفة ولا مزيدا من سياسة المتاهة والناس تعيش بلا امن ولا كهرباء ولا سيولة ولا خبز وقريبا بلا ماء.
فوزي عمار