مقالات

هاني الرتيمي

بين ١٧ فبراير و١٧ ابريل قصة ثورة وتاريخ بلد

أرشيف الكاتب
2023/02/19 على الساعة 17:01

قبل اقل قليلاً من عشرين عاماً وتحديدا في ١٧ ابريل ٢٠٠٤ استقليت الطائرة الي لندن ليبدأ فصل جديد من حياتي لا تزال سطوره تكتب إلي اليوم. اذكر هذا التاريخ جيداً.. لم تكن تلك زيارتي الاولي الي انكلترا لكنها بالتاكيد الزيارة التي لاينطبق عليها القول المعروف (الله يرحم من زار وخفف )…

وهكذا كانت الهجرة شأني شأن اجيال سبقتني واخري تبعتني من عالمنا العربي التعيس هربت بجلودها من حكم طغمة فاسدة عابثة لم تعرف يوماً فإن إدارة الدول وسياسة العباد، فاهدرت الاموال واضاعت الارزاق فتاهت البلاد في سراديب الجهل والفقر والفاقة حتي كانت الهجرة هي الوسيلة الوحيدة لمستقبل افضل، نظام القذافي خصوصاً بز جميع جيرانه في فن إفساد الدول حتي ان ما افسده الرجل ما كان ليحدثه مائة زلزال من الذي اصاب تركيا، لماذا كان القذافي يحقد علي بلده وناسه بهذا الشكل هو سؤال تطول الاجابة عليه من نظرية المؤامرة الي نظرية المرض النفسي وما بينهما تتعدد الاراء لكن الاكيد والثابت ان نظامه ماكان لتكون له نهاية لائقة غير الانهيار بالشكل الفاضح الذي تجلي بعد ١٧ فبراير. 

١٧ فبراير هي الاخري قصة في حد ذاتها لكن من المقبول ان نفصل بين مرحلتين. الاولي هي الثورة علي نظام الجهل والمرض، وهي مرحلة نبيلة تجلت فيها كل معاني الاخوة والتراص والامل بغدٍ افضل. واما المرحلة الثانية، والتي لازلنا نعيشها، فهي ببساطة مرحلة إقتسام الغنائم.. وهي المرحلة التي نزل فيها الناس من جبل الجهاد الي ساحة الفرص والجوائز ليلتف عليهم فرسان الظلام وتضيع البلاد في اتون استقطاب جهوي وعقائدي لم تعرفه في تاريخها.

سواء احتفل قلبك وعقلك وانت تسترجع ذكريات الصراع مع كتائب القذافي وزبانيته من مشارف بنغازي الي شارع طرابلس وعمارة التامين في مصراتة الي ملاحم جبل نفوسة واخيراً يوم النصر المبين ودخول طرابلس، او امتلكتك الكأبة وانت تتذكر تهجير تاورغاء وإنقلاب فجر ليبيا وحرق المطار وتدمير الصابري وقنفوذة وطوابير الغاز والبنزين وإنقطاع الكهرباء وإفقار الناس وليس اخيراً محاولة إجتياح طرابلس، اياً كان قلبك وعقلك، وسواء خرجت للساحات لتحتفل او لزمت بيتك لتأكلك الكآبة، تذكر ان في يوم من الايام كان هناك معتوه اشر يقف علي منصة وامامه بضعة ميكروفونات ليفتي في كل مشاكل العالم ويضع لها حلولاً وتصورات. ذاك المعتوه الذي لم يقدم لبلده ملعب كرة لائق او إذاعة محترمة او مستشفيات تليق بادميتهم او تعليم او طرق او مواصلات عامة، تذكر ان ذلك الصنم  لم يزله الا ابطال ١٧ فبراير الذين استشهدوا وهم يحلمون بليبيا افضل من اجل هؤلاء الشهداء ومن اجلهم فقط انا ساحتفل.

وكل ١٧ فبراير وانتم بخير… 

هاني الرتيمي

لا تعليقات على هذا الموضوع
آخر الأخبار
إستفتاء
ما التقييم الذي تسنده لـ"السقيفة الليبية" (بوابة ليبيا المستقبل الثقافية)
جيد جدا
جيد
متوسط
دون المتوسط
ضعيف
كود التحقق :
+
إعادة
لمتابعة ليبيا المستقبل
جميع المقالات والأراء التي تنشر في هذا الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع