مقالات

أبو القاسم الأصفر

متى نؤمن بالتخصصات‎

أرشيف الكاتب
2016/08/19 على الساعة 15:42

الإلمام بمسميات قطع غيار السيارات ومهامها واهميتها وكيف تعمل لا يعني ان من يتاجر بها مكيكانيكي ويعرف إصلاح اعطال جميع السيارات.

ان تكون لديك فكرة عن الكهرباء وكيف يتم تشغيل الأجهزة بها وسالبها وموجبها وملفاتها وأسلاكها هذا لا يدل على انك فني كهرباء يمكن ان تقوم بإصلاح اعطال تلك الأجهزة وان تولد الطاقة الكهربائية منها متى شئت بإي وسيلة او طريقة تخطر على بالك.

ان يكون لديك ذوق في ترتيب الأشياء وتفصيل المباني بشكل يناسب الذوق العام والعرف الاجتماعي ليس بالضرورة ان تكون مهندس ديكور او مهندس معماري او خطاط او رسّام درس الألوان والأحجام وطرق ترتيبها وأوضاعها.

ان تحفظ بعض الأبيات الشعرية ومقاطع من معلقات الشعر الجاهلي اوبعض قواعد النحو في اللغة العربية لا يجعل منك أديب او كاتب او شاعر ما لم تكن تملك ملكة للشعر و تبحرت في بحوره وشربت من معين البلاغة وخضت غمار القواعد والمفردات وتعلمت من منابعها الأصلية.

ان تكوون فكرة عن الأدوية المسكنة للآلام والامراض المزمنة بحكم التجربة والاطلاع على نشرات الأدوية  لا يجعل منك طبيب تسلم لك رقاب المرضى ومصائرهم لمجرد حفظك لمسميات هذه الأدوية.

ان تحفظ بعض الأحداث التاريخية والمعارك الفاصلة ومشاهير قادتها وبعض أسباب ازدهار الحضارات وأسباب سقوطها لا يجعل مني او منك مؤرخ  ومدون ينشر ما يكتبه على انه حقائق تاريخية لا تقبل النقد او الجدل، ما لم نعرف انا وانت طرق التحقق من المعلومات التاريخية ومصادرها ودلائل وقوعها وشواهدها المادية والوثائقية.

دخل الاعلام السياسي جميع بيوتنا دون إذن اوإنذار ودون استعداد لما يحمله من تناقضات وذلك من خلال الاذاعات والفضائيات وشبكات الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي مما جعلنا جميعا نخوض في السياسات الدولية والعالمية كمن يتخبط بين الامواج وهو يجهل العوم والسباحة في بحار لا يعرف عمقها ولا منتهاها وما تحمله من مخاطر بين إطاراتها  الوردية والودية، ومع الأسف لا تجد بيننا احد في ليبيا لم يركب هذه الموجة اويدعي معرفتة بها و إحاطة علمه بما تخطط له الدول العدوة والصديقة  او ما يمكن ان تقرره المنظمات العالمية والدولية بشأن مختلف المنازعات والقضايا الدولية، ، فهل هذا يجعل منا خبراء سياسيون وسفراء متجولون لنا حق التمثيل الدبلوماسي لبلادنا او الظهور الإعلامي في الفضائيات لنصرح بما ينبغي وما لا ينبغي التصريح به.

وبما اننا مسلمون ومحافظون على عباداتنا ومناسكنا الدينية فإننا لا شك اننا نعرف معظم تفاصيل هذه العبادات والمناسك، الفرض منها والسنة، كما اننا نحفظ من سُوَر القرآن الكريم كلا حسب قدرته واستيعابه و نحفظ  معها بعض الأحاديث النبوية الشريفة المشهورة وقل ما تجد من لم يقراء او يتابع سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام وكثيرا منا قد اقتنى بعض كتب الفقه والتشريع ومع ذلك فهذا لا يعني اننا جميعا مشائخ او قضاة يمكن ان يفصلوا في جميع المسائل الفقهية والدينية والتشريعية.

نحن الليبيون نخوض في كل شيء وقل ما نتقن اي شيء مما جعلنا شعب يستهلك كل شيء ولا ينتج اي شيء ... فبرغم إدعائنا بمعرفة الأشياء سرعان ما نحيل بعضنا البعض الى الخبراء من الأجانب في الكهرباء والميكانيكا والهندسة والطب والعلوم المختلفة اذا ما تعرض احدنا الي معضلة  ما او استشارنا احدا في مسألة ما في هذه التخصصات، لكن الحكم الفيصل والنهائي في الأمور السياسية والدينية دائما جاهز عند معظمنا ولا نرضى ان يتعدى مجالسنا (وكيف ما يقول البعض ما فيش حد خير من حد وكلنا نشاهد الفضائيات ونحلل الأحداث فيما يتعلق بالسياسة) اما الدين فحدث ولا حرج حتى جعلنا من شعائر الله اهون المواضيع التى يمكن الخوض فيها دون ان يدافع عنها مدافع او يعاقب عليها متعدي او يزجر عليها عابث متندر، لان كل مجالسنا ملئية بمدعي المعرفة في القضاء والتشريع والعبادات والعقيدة الصحيحة والمنحرفة فأجازوا بعقولهم القاصرة التفكير العقلاني في العلوم الربانية والرسالات النبوية التي أرسل بها الله الأنبياء والمرسلين ليبيلغوها لعباده من امثالنا القاصرين بلغة كل نبي لقومه، فَلَو كانت العقول كافية للوصول  للعقيدة الصحيحة لما بعث الله الأنبياء والمرسلين لمجتمعات فيها من العقول ما يعجز الانسان العادي عن وصفه وقد ارتقت الى الوصول لعلم الفضاء ومن الدقة الى علم الذرة ومع ذلك مات من مات ممن اخترع هذه العلوم على الشرك والكفر ومات على التوحيد من لا يعرف حتى الركوب على دراجة هوائية، فلماذا إذن نعاند في مسألة التخصص في العلوم الدينية والسياسية ونأخذها عن الجهلة وغير المتخصصين في الوقت الذي لا نرضى فيه ان نسلم اجسادنا للدكاترة والأطباء المبتدئين ونخسر الآلاف والملايين للوصول الى الأطباء المشهورين بل لا نسلم سياراتنا او نقالاتنا الا من عرف بالمهارة وقدرته على معرفة الأعطال والقدرة على إصلاحها ونبخل على أنفسنا وعلى ديننا التحري والبحث عن العلماء ليدلونا على ما نتجنب به الوقوع في هذه الفتن ونخرج ببلادنا مما هي فيه من تشرذم وتقسيم، بتسليم امورنا للمتخصصين المعروفين بخبرتهم وقيادتهم للامور السياسية دون الانحياز للقبيلة او المنطقة او الأيدلوجيات المستوردة وبذلك ننجو وتنجا بلادنا ونحضى بسعادة الدارين الدنيا والاخرة. والسلام...

ابولقاسم الاصفر
سبها - ليبيا
[email protected] or gmail.com

كلمات مفاتيح : مقالات ليبيا المستقبل،
لا تعليقات على هذا الموضوع
آخر الأخبار
إستفتاء
ما التقييم الذي تسنده لـ"السقيفة الليبية" (بوابة ليبيا المستقبل الثقافية)
جيد جدا
جيد
متوسط
دون المتوسط
ضعيف
كود التحقق :
+
إعادة
لمتابعة ليبيا المستقبل
جميع المقالات والأراء التي تنشر في هذا الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع