كثيرا ما يربط المشارقة بين الحزب المغربي العدالة والتنمية وجماعة الإخوان المسلمين، بل ويذهب البعض من مناوئي الجماعة لاعتبار الحزب المغربي تابعا للتنظيم الدولي، في إطار نسج حكاية تآمر الجماعة على الأمة العربية من خلال ثورات الربيع، وباقي القصص التي يوزعها خاصة المحسوبين على النظام المصري وداعميه في الخليج ومن والاهم، لكن بالنظر إلى كلام رئيس الحزب عبد الإله بنكيران شخصيا، يبدوأن الحزب وجناحه الدعوي على مسافة بينة من الجماعة وإن اشتركا في فكر ومرجعية الإنطلاقة، فالرجل من خلال تصريحات تتفاوت في الحدة مع سياقها السياسي، يتبرأ من الجماعة ويهاجمها حينا ويشاركها الإنتماء ويمدحها حينا غير أنه ينفي التبعية لها.
بنكيران كرئيس حزب بعيد عن السلطة، ليس كبنكيران ممثلا لحكومة ودولة، بين الحالتين يختلف كلام بنكيران حول الإخوان، لكنه وحسب ما بدر منه قبل وبعد الربيع، يكاد يتمحور حول نقطتين: الحزب المغربي يختلف عن الجماعة ولا يتبعها ولكنهما يشتركان في الإنطلاقة والمرجعية الفكرية، مع خصوصية مغربية يتذرع بها الرجل وهويفصل بين حزبه وبين جماعة الإخوان المسلمين المتهمة من قبل حلفاء المغرب بأنها تنظيم إرهابي.
ففي حوار له منشور على موقع القنطرة الإلكتروني بتاريخ 21.12.2010 يقول بنكيران: "حزب العدالة والتنمية طبعا هوحزب سياسي مرجعيته إسلامية، لكن له خصوصية مغربية، فكما لا يخفى عليك، النظام المغربي يشبه الأنظمة العربية لكن له خصوصيته، الأحزاب السياسية المغربية تشبه الأحزاب العربية ولكن أيضا لها خصوصية.التاريخ المغربي كذلك. حزب العدالة والتنمية هوحزب مغربي، يمكن أن نقول إنه قريب من تيار الإخوان المسلمين كمدرسة، على الأقل في الانطلاقة، ولكن له خصوصية معينة...".
الحزب المغربي مرتبط فكريا ومرجعيا بحركة التوحيد والإصلاح، وهي الذراع الدعوي للحزب، تأسست سنة 1996، برئاسة الشيخ أحمد الريسوني من 1996 إلى سنة 2013، الريسوني للمعلومة تقلد منصب نائب الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي، عقب الريسوني تقلد منصب رئاسة الحركة السيد محمد الحمداوي، هذا الأخير وفي حوار له مع الصحفي أحمد منصور في برنامجه الشهير بلا حدود، نفى نفيا قاطعا انتماء الحركة لجماعة الإخوان المسلمين أولأي حركة أخرى في المشرق العربي، مردفا كلامه بأن التنظيم لم يؤسس قط فرعا تابعا له بالمغرب.
طيلة الخمس سنوات من عمر الحكومة العدالية لم يتغير موقف الحزب رسميا من جماعة الإخوان المسلمين، رغم التعاطف الشديد الذي تظهره قواعد وشبيبة الحزب والحركة، فالإسلاميون في المغرب كما فرحوا وهللوا لنصر مرسي والإخوان في الانتخابات التشريعية والرئاسية، نددوا بانقلاب السيسي ورفعوا شعار رابعة تضامنا مع الإخوان في محنتهم، رغم ذلك، ظل الحزب رسميا محافظا على مسافة النأي، ورافعا الشبهة كل ما جَدّ السؤال المكرر حول علاقته بالتنظيم الدولي مع تغيير في الصيغة فمن التبرئ إلى التضامن إلى العتاب والنصيحة المبطنة إلى الإنكار والهجوم، فالمرحوم عبد الله أوبها مثلا، وفي لقاء مع شبيبة الحزب بعد الإنقلاب ومجزرة رابعة، طالب بعدم تكرار رفع إشارة رابعة، ليقول بعدها أن "هناك عوائق منهجية لدى الإخوان المسلمين، بسبب العقلية الطائفية وكذا منطق الاستحواذ وهوما سبب لهم مشاكل بالجملة،"، ورئيس الحكومة قال ايضا في لقاء جماهيري مع شبيبة حزبه في نونبر 2015 "الإخوان المسلمون مدرسة حنا مكنعرفوهمش (لا نعرفهم)، بغيتوتعرفوالحقيقة حنا مكنعرفوهمش، إلى بغيتوتعرفوهم خصكم ترسلوشي واحد منكم يجلس معهم خمسة عشر يوما أوشهرا لتتمكنوا من معرفة الحقيقة”، قبل أن يضيف: “أنتم هنا تفكرون وتنتقدون، مكينش هادشي عند الإخوان المسلمين"، دون أن يتبرأ من جناحه الدعوي، وهوعلى أعتاب نهاية فترة حكومته وبداية حملة إنتخابية جديدة حين يقول حسب موقع اليوم 24 "لا نتبرأ منهم، لكننا لسنا منهم، والحركة اللي جينا منها هي التوحيد والإصلاح، والتوحيد والإصلاح هي (الوليدة)"، قبل أن يردف "واش نتبرؤوا من (الوليدة)؟!!".
محاولة العدالة والتنمية الإبتعاد والنأي عن جماعة المسلمين، والتأكيد على الإختلاف الواسع بينهما، أمر فرضته لربما الخصوصية السياسية المغربية، خصوصية اللعبة السياسية التي جعلت من إخوان بنكيران حزبا سياسيا يقبل بدستور يرى في الملك محمد السادس أميرا للمؤمنين يرتبط وشعبه بعقد البيعة الشرعية، فكيف بهم يبايعوا أيضا مرشدا خارج حدود البلاد وتنظيما يؤمن بالخلافة... وجعلت من حزبه حزبا يترأس حكومة بسياسة خارجية هي ضمن اختصاصات الملك التي يرسم اختياراتها حسب كلام رئيس الحكومة نفسه، والذي هوملزم فقط بتنزيلها بشكل يرعى مصالح المغرب كما قال رئيس الحكومة حين هوجم لمصافحته السيسي.
ماءالعينين بوية