مقالات

عبد السلام الفقهي

المصراتي والهاشمي.. سيرة الالم والامل

أرشيف الكاتب
2023/01/19 على الساعة 16:19

يشير الكاتب علي مصطفى المصراتي في كتابه (كفاح صحفي) الى منابت الصحفي محمد الهاشمي بن مكي أصيل مدينة توزر بتونس حيث رأت عيناه النور 1881، ترعرع في كنف والده الشيخ عثمان بن ابي القاسم مدرس  وشيخ بجامع الزيتونة، ونشأ في بيت تحفل مكتبته  بذخائر نفيسة من الادب والفقه واللغة والتاريخ.

يدخل الهاشمي الكتاب ويتعلم مبادئ الخط وحفظ القران حتى انتقل مع والده الى  العاصمة ليكمل دراسة العربية ولوازمها والانخراط ايضا في حلقات جامع الزيتونة، ويواصل  تلقي دراسة العلوم الرياضية بمدرسة الجمعية الخلدونية متحصلا على شهادة العلوم العملية منها عام 1903.

يلفت انتباه المصراتي تشعب ملكات الهاشمي في التعلم حتى انه استخدم مفردة القفز كناية عن الدهشة، ومحط ملاحظته الاتجاه من فروع الهندسة والتخطيط العمراني الى ميادين اللغة والفقه (شيخ زيتوني يقفز من الرياضيات الى مسرح الادب والفن ثم يدخل الصحافة من بابها المليء بالأشواك).

وما يمكن الاشارة اليه على ارضية  التفسيرات النفسية ودراسات الذكاء الاجتماعي وغيره هو (اكتشاف الذات)، والوصول الى ذلك يتوقف على قدرة كل منا في فهم شخصيته  ومعرفة من هو تحديدا، فالمصراتي والمكي مثلا عاركتهم الحياة واصطدموا بها وحاولوا فهم ذواتهم وبث اسئلتهم الجوانية اليها قبل أن تتحول مع  الزمن الى نضج معرفي حدد معالم الكينونة النفسية والفكرية، واتجه بأسلته الى الحياة والناس، وكان مسار الاول  من الازهر الى الادب والصحافة، وكذا الثاني من الزيتونة الى عوالم مهنة المتاعب أيضا، لذلك ينقل المصراتي أحاسيسه بالقول (ما أكثر القفزات وأبعد الجولات في حياة هذا الانسان الذي خبرته الظروف وطوحت به الدروب).

الهاشمي صحفيا...

شهد العام 1908 دخول محمد المكي التونسي الى عالم الصحافة كما يقول المصراتي بإصداره  عددا من مجلة (الاسلام)، ثم توقف العدد الثاني اثناء الطبع،وتحركت السلطات الفرنسية الاستعمارية لتحول دون استمرارها، الا أن الهاشمي لم يستكن للظروف وواصل معركته مع التنوير بإصداره صحيفة (ابوقشة).

واللافت أن الاصدار الجديد نحى الى ايقاع مغاير تماما ليس لمجلته السابقة فقط بل في اسلوب الخطاب الصحفي في تونس وشمال افريقيا بصفة عامة على رأي المصراتي، فاللهجة الدارجة وطعمها الساخر كانت بعيدا الى حد ما عن قوالب الكتابة الصحفية.

تنبه الفرنسيون الى خطورة الخطاب الساخر وقدرته على تحريك المياه الراكدة وقاموا بإقفال الجريدة، يصف المصراتي بأسلوبه الفكاهي بقوله: (تخوف الاستعمار الفرنسي من الطبق الجديد، وهذا اللون من الغداء، فهو يريد الشعب في تونس جائعا، جوع البطن والفكر). كما صدر حكما من السلطات الفرنسية ضد الصحفي التونسي بغرامة 500 فرنك، والجدير بالذكر أن توزيع الصحيفة لم يقتصر على بلد الصدور فقط بل في الجزائر والمغرب وطرابلس.

يتجه الصحفي محمد الهاشمي الى ليبيا لإصدار أبوقشة من طرابلس بعد قفل الفرنسيون أبوابها في تونس قادما من بلد الشابي (لا يحمل جواز سفر أو بطاقة)، واصدرت السلطات الفرنسية حكما غيابيا بالسجن لمدة 15 يوما بحجة سفره بدون جواز، ونفذ الحكم بعد مجيئه الى تونس  سنة 1913.

يتبع….

عبد السلام الفقهي

راجع:

- عبد السلام الفقهي: المصراتي في مسالك السلطة الرابعة

- الصحافة العامية في ليبيا

- المزيد حول الراحل على مصطفى المصراتي

لا تعليقات على هذا الموضوع
آخر الأخبار
إستفتاء
ما التقييم الذي تسنده لـ"السقيفة الليبية" (بوابة ليبيا المستقبل الثقافية)
جيد جدا
جيد
متوسط
دون المتوسط
ضعيف
كود التحقق :
+
إعادة
لمتابعة ليبيا المستقبل
جميع المقالات والأراء التي تنشر في هذا الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع