مقالات

إبراهيم قراده

وطنياً وديمقراطياً... ما الحل مع "إخوان ليبيا"؟!

أرشيف الكاتب
2016/08/18 على الساعة 14:00

مبدئيا وبراغماتياً، محاولة لتناول المحظور وعواقبه.. ومن أجل ليبيا، واستعجال السلم الاهلي، وايقاف النزيف!
اولا، ليس كل اسلامي ديمقراطي، وبالمثل ليس كل علماني ديمقراطي.
قدر ومصيبة شعوب المنطقة وقوعها في حلقة مفرغة ومتوالية، بين مطرقة العلمانيين الغير الديمقراطيين، سواء قوميين او يساريين، وسندان الاسلاميين الغير ديمقراطيين، سواء السلفيين او الحركيين. فهذان الجناحين، وعلى سعة مسافة الخصام بينهما، يتفقان ويزدهران ويكسبان من فرض الصراع وإغراق الشعوب اما في مواجهات التقاتل او ديكتاتورية الارهاب والاكراه، سواء عبر حكم الحزب/الاسرة الواحدة او الاستعانة بالعسكر. والامثلة كثيرة وتتكرر على مدى جغرافية وتاريخ الشعوب الاسلامية المعاصر. هذا الصراع المدمر مكلف وكلف شعوب المنطقة الخسران والهوان الداخلي، والتبعية والنفور من الخارج، والتخلف والنزف الذاتي.
اليوم، ونحن نشاهد بل ندفع ونعيش المعاناة القاسية والمكابدة الجسيمة من ضياع الأرواح وازهاق الدم وذل الحاجة، وجب علينا الوقوف للتفكير العقلاني والموضوعي، لا الانجرار لانفعالات العواطف والاوهام، اذا كنا نريد فعلا الخلاص والنجاة.
بعد فشل موجة الديكتاتورية القومية الشوفينية واليسارية العابثة، وبعد عدم قدرة الموجة الاسلاموية الاممية على نشر وفرض مشروعها ومشروعيتها، مع تجنب لكل التبريرات الغير مجدية في هذا المقام، باعتبارها تتناول التاريخ والماضي، ولم ولن تغير الواقع والمستقبل، اعتقد ان الواقع التاريخي، لا الافتراضي، يقول بضرورة تفعيل التعايش بين التيارين الاسلامي والعلماني في منظومة ديمقراطية تعكس خيارات الاغلبية الشعبية وتحترم خيارات الاقلية الشعبية. وهذا لا يمكن ان يكون إلا بالاتفاق والالتزام بالأرضية والإطار الديمقراطي كمصدر للقوانين والسلطات، عبر تداولية تسير مع خيارات واختيارات الشعوب المرحلية والمتطورة.
ابتعادا عن التجريد واقتراباً من الواقع، فمثال "الاخوان المسلمين" تاريخاً وتجربة جدير باعتبارهم نموذج لتيار الاسلام السياسي. وبدون الخوض في تفاصيل التاريخ، فعمر "الاخوان المسلمين" يقارب تسعة عقود (88 سنة/ 1928)، وبعد مسار وتقلبات وتحديات رحلة طويلة، فدعوة "الاخوان المسلمين" أثرت وانتشرت وكسبت قواعد شعبية في كل العالم الاسلامي- وان اختلفت تسمياتهم المحلية- وبل انهم خرجوا احياناً اقوى بعد اخفاق وإرهاق المواجهات والملاحقات والمضايقات، رغم شراسة وتواصل بعضها لسنوات.
هذا يضعنا امام حقيقة ان الاخوان المسلمين لهم مؤيدين مخلصين وملتزمين، ولن يؤثر في ذلك الواقع نظريات وتفسيرات الغموض والمؤامرة. كما انه من المهم، بيان ان الاخوان بعد مرحلة "قطب" أعلنوا، بياناً وممارسة، قبولهم بالخيار والعملية الديمقراطية. إضافة إلى واقعيتهم وانفتاحهم السياسي والثقافي والاجتماعي الاوسع مع الاختلاف والتنوع، مقارنة ببعض التيارات المتطرفة والمتشددة والعنفية، الاسلاموية والعلمانية.
اليوم، لا يخلو بلد مسلم او بلد فيه مسلمون، من وجود معترف به للإخوان المسلمين، سواء كان البلد في الشرق، الجنوب، الشمال او الغرب. فالاخوان المسلمين كتنظيم دعوي او جناح سياسي متواجدين كشركاء في السلطة التنفيذية او تحت قباب البرلمان، كأحزاب سلطة او معارضة، او كجمعيات مدنية وأهلية، مع استثناءات بعض الدول، لا يتجاوز عددها اصابع اليدين (مصر، السعودية، الإمارات، روسيا، وكازاخستان..) والتي تعتبرها جماعة محظورة او تصنفها كجماعة ارهابية. بل ان حركات سياسية منبثقة عن فكر الاخوان المسلمين قادت او تقود وشاركت او تشارك في الحكم في دول مثل المغرب، تونس، الجزائر، اليمن، تركيا، غزة/فلسطين، السودان، العراق... مع بيان، ان بعض الدول التي تحظر الاخوان المسلمين، تسمح بتواجد ونشاط حركات إسلامية اخرى، كالسلفية.(وقياساً، في دول أوروبية عديدة يوجد بها احزاب مسيحية ديمقراطية).
وهكذا، نقترب من ساحتنا الليبية. فالاخوان المسلمين في ليبيا لهم تاريخهم وحضورهم في ليبيا، قبل ثورة فبراير وبعدها، والذي ليس من مجال هذه السطور تناوله تحليلاً وتقييماً، إلا هناك شكوك وتخوف وعدم ثقة، يصل احياناً لدرجة النفور من الاخوان المسلمين من قبل نخب سياسية وثقافية، والمنعكس على الشارع.
اليوم، في ليبيا، جماعة الاخوان المسلمين وحزب العدالة والبناء لهم حضور وفعل سياسي وأهلي، يترواح بين العضوية والمناصرة والتعاون والقبول والاختلاف وبين الإعراض والتنديد والخلاف والخصام، مع اختلافات جغرافية.
وفي مثلما وضع وظرف فمن المنتظر والمطلوب من الاسلام السياسي الديمقراطي الليبي، ومنهم الاخوان المسلمين تقديم تطمينات للمتخوفين او المتشككين حول الالتزام بالخيار الديمقراطي ضمن المسار الوطني وأولوياته، مع تجديد وتكييف خطابها بما يلائم المعطيات والتحديات في ليبيا. وهذه الشروط والاشتراطات تمتد للتيار الليبرالي الديمقراطي.
وحيث ان الديمقراطية تقوم وتتأسس اشتراطاً على حرية الاختيار والاجتماع والتنظيم، فمن حق كل ليبي ان يختار توجهه السياسي ديمقراطياً، رأيا وممارسة، شريطة احترام وقبول حق الاخرين كذلك.
وحيث اننا نعاني تهديد حقيقي من التيار الاسلاموي المتطرف والمحارب للديمقراطية والرافض للتنوع، وانه من المبادئ الليبرالية والديمقراطية القبول بالتنوع الملتزم بالديمقراطية، فانه من الواجب ان تتكتل التيارات الديمقراطية بتنوعها الاسلامية والليبرالية لمواجهة جماعات الاكراه والتطرف، مع ضرورة احترام الالتزام والانتماء الوطني من الجميع، واحترام ظروف ومعطيات كل دولة لتقرر سياساتها المناسبة لها، وعدم فتح ارض الوطن لصراعات خارجية.
واختصاراً، وبعد كل المعاش، وباعتبار الظرف الليبي وما يحيطه من تحديات وتهديدات، وما يشهده الواقع الليبي من تحارب اهلي، هل لنا ان نفكر بموضوعية في تشييد جسور بيننا على الحفر والخنادق، بدلاً من تقاذف النار والتهم بين الضفاف. مع اعتبار، تجنب المعارك الخاسرة.
هذه السطور منطلقها وطني، موضوعي وواقعي، وهي لن تفلح ولا تريد جدال القراءات العاطفية، مع مراعاة واهمية عدم المراهنة على معطيات داخلية وخارجية متغيرة ومتقلبة، مع ثبات جغرافية هوية الوطن الليبي ببعدها المسلم العميق، وتطلعاته في دولة مدنية ديمقراطية.
معيار الأداء ومقياس التقييم عبر الديمقراطية التداولية وصندوق الانتخابات هما الحل، او الحل البديل، فدوامة الاقصاء الالغائي العنيف ، ليس لآخر رصاصة بل لآخر قطرة.
ابراهيم قراده/ ادرار نفوسه
[email protected]

كلمات مفاتيح : مقالات ليبيا المستقبل،
عبدالحميد | 21/08/2016 على الساعة 00:25
لا أرى أية عقلانية في أفكار الإخوان ونهجهم
مثل كثير من الليبيين والعرب وجملة المسلمين لا أرى أية عقلانية في أفكار الإخوان ونهجهم وأختلف مع الكاتب في أهميتهم السياسية وشعبيتهم التي وصلت الحضيض حتى في مسقد رأس الحركة مصر
د.عبدالله عثمان | 20/08/2016 على الساعة 07:49
ديمقراطية الاخوان
للأسف اثبت الاخوان انهم ديمقراطيين عندما تكون نتايج الاقتراع في صالحهم اما ان كانت النتائج عكس توقعاتهم فهم أشد أعداء الديمقراطية، فمثلا في ليبيا عندما خسروا انتخابات البرلمان تحركت مليشيات موالية و متحالفة لهم و معهم للسيطرةعلى العاصمة تحت مبررات واهيه، كتطوير العاصمة الخ...
سالم حمد القطعاني | 19/08/2016 على الساعة 17:46
ابدعت يا إبراهيم
مقال عقلاني وشجاع ومنفتح ... لكن لا سوق له الان ... فنحن لم ننضج بعد لنناقش أي قضية بعيدا عن روح التعصب والعداء المفرط والاحكام الجاهزة.
منتعض | 19/08/2016 على الساعة 17:19
عداء الأيديولوجيا للإنسان
لا يمكنني اتهام المقال بتعمد مغالطة القارئ وارباكه ، لكنني أتساءل إن .. إن لم يكن .. عن مدى جديته ، فلا أقل عن مدى وعي الكاتب لبمعاداة الأيديولوجيا .. وخصوصاً المتدثرة باهاب الدين .. للمبادئ والقيم الإنسانية ، وذلك يجعل من الوطنية والديموقراطية هدفان مباحان لمن يطلق عليهم الإخوان المسلمون الذين لا يستنكفون .. إذا لم يتمكنوا من الاستحواذ عليهما وتزويرها وتوظيفهما لما يخدم أغراضهم .. عن أن يضربوا بهما عرض الحائط إذا ما رأوا تينك القيمتين تحققان وجودهما في واقع الناس ، وإذا فأي معنى لأن ننظر إلى ايديولوجية متخلفة إلى هذا الحد ولأن نتعاطى معها بمقاييس الوطنية والديموقراطية .. الاخوان لايؤمنون بوطنية ولا بديموقراطية .
Ghoma | 19/08/2016 على الساعة 01:03
Be Careful With Moral Equivalency
Equating the unequal just for the sake of generalization was unfortunate. Secularism never had a chance in Arab states until today. Even Syria and Iraq under the Ba'ath Party were never wholeheartedly secular states.As to the theo-centered state or religious state, all Arab states were "founded" on some form or another of God' sovereignty, and never left it. That is perhaps one reason why they're currently in turmoil. Thus your appeal to the Brothers and their ilk doesn't serve any purpose in the present circumstances. The foundation of a state comes before giving the right to every ideology or interest group to hawk their wares. Once we agree on the main principles on which the state should operate then each would have the chance to persuade the multitude to their program or vision for the future. Thanks. Ghoma
LIBYA4EVER1 | 19/08/2016 على الساعة 00:37
جورج برنارد شو
جورج برنارد شو : أن الديمقراطية لا تصلح لمجتمع جاهل لأن أغلبه من الحمير ستحدد مصيرك
آخر الأخبار
إستفتاء
ما التقييم الذي تسنده لـ"السقيفة الليبية" (بوابة ليبيا المستقبل الثقافية)
جيد جدا
جيد
متوسط
دون المتوسط
ضعيف
كود التحقق :
+
إعادة
لمتابعة ليبيا المستقبل
جميع المقالات والأراء التي تنشر في هذا الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع