عملت لاكثر من ثلاثين سنة كدبلوماسى وسفير بست دول، وزرت عددا كبيرا من دول العالم باربع قارات للمشاركة باجتماعات ومؤتمرات وندوات سياسية، ولكنى لم اطلع على الجانب السلبى الخبيث الرخيص للسياسة، المرتبط بالتخلف السمج المتكرر، بالدرجة التى لمستها بوطنى ليبيا خلال الخمس سنوات الاخيرة.
اقول هذا وانا لا انكر، ان معظم الليبيين وطنيون حتى النخاع، الا ان الظروف المصاحبة للمعاناة فى حياتهم حولت كثيرين منهم الى درجات متفاوته من السلبية، ولكنى ارها سلبية مؤقته، تنقشع حال وجود امل فى صحوة جادة وشاملة.
ولا احد يمكنه ان ينكرا ان عشرات الالاف من رجال الجيش الوطنى والشباب المساند، يفدون حرية الوطن بارواحهم، وان كثيرين من رجال المال يدافعون عن الوطن باموالهم، وان كثيرين من الكتاب يساهمون فى حماية الوطن باقلامهم. وان هناك كثيرون غيرهم كل يشارك فى مجاله.
الا ان مأساة ليبيا وكارثتها، هو وجود قوى ظلامية سياسية ودينية، غير وطنية مرتبطة بدول ومصالح واجندات خارجية، بدأت العمل على التحكم بمصير الشعب الليبى، منذ تحويلهم انتفاضة فبراير الشبابية السلمية الى حرب مسلحة، تشارك بها قوات "النيتو" الدولية.الى السيطرة على المجلس الانتقالى الى مقتل رئيس الاركان الى تمكين المليشيات والغرف الامنية الى اجهاض نتائج انتخابات 2012 الى تشكيل الدروع الى قتل الشباب "بحمعة الغضب" ببنغازى الى العدوان على مدينة بن وليد الى فرض العزل السياسى الى فتل الشباب "بغرغور" بطرابلس الى التمرد على نتائج انتخابات 2014 واحتلال مؤسسات الدولة بطرابلس وحرق المطار واحتلال ورشفانة الى المحاولات الفاشلة لاحتلال الزنتان والهلال النفطى.
وبعد ان فشل سعيهم بقوة السلاح لفرض سيطرتهم ركزوا على الفتنة والحرب من الداخل، بشراء الذمم بالمال والاغراء بالمناصب والنفوذ، والهدف لم يتغير، وهو السيطرة على الحكم والثروة، بطمس القوى الوطنية وكسر صمودها، وتفكيك الجيش الوطنى ومجلس النواب وبسط النفوذ على الهلال النفطى.
نجحوا مع عدد من ضعفاء النفوس من اعضاء مجلس النواب، ولكن مجلس النواب ظل صامدا بصلابة قيادته وجدية عدد من اعضائه الشرفاء الامناء.ونجحوا مع نفر من ضباط الجيش، لعقد نفسية، ولكن الجيش ظل منتصرا متمسكا بقياداته الوطنية الشجاعة.ونجحوا مع حارس المنشأت النفطية المعزول، دون جدوى للاعتماد عليه، وبعد ان فشلوا بهذه المرحلة ايضا، دخلوا حلقة اخرى من دوائر الدفع المسبق، لتغيير رئيس مجلس النواب للتحكم بالمجلس، ولكنهم شيفشلوا حتما.
وعلى مجلس النواب ان يتصرف بحكمة، حسب القانون واللوائح، فالنواب الذين قاطعوا المجلس لاكثر من سنة هم طرف بالنزاع، وسمح لهم بالعودة الى مجلس النواب بناء على "اتفاقية الصخيرات"وحيث ان الاتفاق لم يتم لعدم الموافقة على الغاء المادة (8).وعليه، فيجب وقف مشاركتهم لجلسات مجلس النواب، حتى يتم الاتفاق على الاتفاقية، ودسترتها... وحفظ الله ليبيا.
عمر الدلال
10/8/2016