أوردت صحيفة إنجليزية يوماً، كلمات جافة لـوزيرة خارجية أمريكا "كوندا ليسا رايس" موجّهة للدبلوماسيين الأمريكيين، مفادها: اتركوا مكاتبكم وسوّقوا إنتاج بلدكم. وأكّدت أن ثلث الدبلوماسيين في الخارج سوف يُعاد توزيعهم في بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن لا يجيدون اللغة العربية أو الأردو أو الصينية، سيفقدون الترقيات وربما حتى مناصبهم.
بهذه الكلمات، نُذكّر سفراءنا الذين أقسموا اليمين ليتبوّؤوا مراكز سفراء ليبيا لدي عواصم بعض دول العالم، ونقول لهم: ربما صحيح ليس لدينا بضاعة تسوّقونها، لكون اقتصادنا ريعي بامتياز، ولكن لدينا ثقافتنا السياسية الجديدة، وسمعة بلدنا التي يجب ان نُعيد لها مكانتها المرموقة، وتنوّع الاقتصاد وتشجيع الاستثمار، كلّها أمور يجب أن تُسوّقونها كما يجب.
كما ينبغي على سفرائنا التسلّح باللغات الحية، فقد رأينا بعض من سبقهم ممّن عُينوا سفراء لسنوات طوال، إلا أنهم لم يتقنوا لغة البلاد التي عينوا فيها ولم يتشرّبوا ثقافتها، فكيف لهم أن يكونوا سفراء ناجحين!؟ وظلوا هنالك لا لكفاءة هم أهل لها، ولا لتواصلهم مع كل فئات المجتمع في البلدان التي ابتِعِثوا إليها، وإنما لرضا الحاكم عنهم ولولائهم المُطلق له، ولرضا بعض ذوي النفوذ وزبانية الحاكم ولعلاقتهم بهم. وربما دون مبالغة، كان بعض سفراء ليبيا اضحوكة العالم، وكثيراً ما كانوا محلا للتندّر من قبل نظرائهم من الدول الأخرى، لاضمحلال ثقافاتهم وضعف شخصياتهم.
إننا نطمح الي جيل جديد من السفراء في زمن ليبيا الحرة الجديدة، جيل له همّة عالية، متكلّما اللّغات المطلوبة، مُسوّقاً لسمعة ليبيا وثقافتها واقتصادها، وليس جيلاً بني مجده وعلاقاته على استقبال المنتفعين للنظام وتوديعهم، وكأنهم أرسلوا ليترأسوا مكتباً سياحياً، وليس بعثة دبلوماسية!
نناشد المسؤولين بالدولة الليبية أن يُحسنوا اختيار سفرائنا في الخارج، ومن معهم من موظفين، من حيث؛ قوة شخصياتهم والضمائر المخلصة الوطنية والثقافة الواسعة والمتكلمين باللغات الحيّة. إنهم مرآة ليبيا لدي الغير، وعليهم تسويق سمعة ليبيا ومكانتها بصورتها المشرّفة، التي يعتز بها كل ليبي يطمح أن تُسيّر سفارات بلده، وتُدار دواليبها من قبل هكذا شخصيات، على مختلف مستوياتهم ومراكزهم الوظيفية.