كنتُ أعرف أن "الترفاس" هو فطر من الفطريات، ولكن كلما زرتُ طرابلس ووجدته في جزيرة الميناء خال لي أن الترفاس ليس فطراً متطفلاً على عشبة الأرقة فحسب بل متطفلاً حتى على جزيرة الميناء. يومها كنتُ أشعر به عملاً مفتعلاً في الجزيرة، وكنتُ أرى في نظرات ساكني المدينة القديمة المطلة على الميناء نظرات امتعاض من هذا الفطر، وكنتُ ممتعضاً ومتعاطفاً معهم ضد أي فطر قد يلج مدينتهم، حتى أنني في أحد المرات دهسته . لم يكن بائع الترفاس موجوداً حين تمهلتُ بسيارتي وعاينتُ المكان ثم دهسته وزدتُ من سرعة سيارتي، في حين شاهدتُ شخصاً على مرآة سيارتي الداخلية يربط رأسه بقطعة قماش ويظهر من تحت كرتونة ويلوَّح بيده لي ويتوعدني إن عدتُ مرة أخرى من هذه الجزيرة.
يوم أمس عدتُ منها. كنتُ أعرف أن الرجل وترفاسه ما عادا موجودين حين شاهدتُ من مسافة شخصاً آخر يبيع بدل الترفاس "كرموس".