القمامة تحاصر المدينة من كل الجهات، العشوائيات غيرت شكل ومعالم مدينتى الحبيبة، أزدحام لانهاية له أمام جميع المصارف، وأمام جميع المخابز، وأمام محلات بيع اللحوم المستوردة، وأمام البلديات لأستخراج شهادة الوضع العائلى من أجل الحصول على نصيب الأسرة من السلع المدعومة، أو من أجل ختم شهادة الرقم الوطنى لغرض تقديمها الى المصرف من أجل الحصول على مبلغ الـ "400" دولار بالسعر الرسمى، علما بأن مصرف الأمان هو المصرف الوحيد الذى قام بعملية صرف الدولار لعملائه فقط بسعر 180 قرش للدولار، أما باقى مصارف بنغازى فهناك من أستقبلت ملفات عملائها وقامت بخصم القيمة من حساب العميل طرفها ولم يتم الصرف حتى يومنا هذا، وهناك مصارف رفضت أستقبال الملفات من عملائها بهذا الخصوص.
ومن جانب أخر تشاهد تجار السلع التموينية المدعومة يفترشون جميع أنواع السلع وبكميات كبيرة على جانب الطرقات الرئيسية عينى عينك وبجانب مكبات القمامة المنتشرة فى كل مكان، ونشاهد المولات التجارية والمطاعم العصرية الحديثة بجانب البيوت والمنازل العشوائية المحاصرة بمياه المجارى، وهناك من يبيع الخضراوات والفواكه على جانب الطريق العام - الطماطم بخمسة دينارات للكيلو والموز 9 دينار والتفاح 10 - دينار، علما بأن معظم المواطنين لم يتحصلوا سوى على مبلغ 600 دينار من المصرف لشهر رمضان، ولاندرى ماذا سيفعل المواطن بهذا المبلغ الزهيد وكيلو اللحم الضان وصل الى 30 دينار، فاللحم المستورد بعيد المنال ويحتاج الى الكفاح والجهاد وشهادة وضع عائلى من أجل الحصول عليه بسعر 13 دينار للكيلو الواحد فقط لاغير.
كل ماتم سرده شاهدته بأم عينى الأسبوع الماضى فى مدينة بنغازى، ولقد تأسفت كثيرا لما وصل اليه الحال فى مدينة بنغازى، نعم لقد أنحصر تفكير المواطن فى كيفية الحصول على ما تجود به المصارف من مبالغ شهرية زهيدة لاتكفى للحصول على الحد الأدنى من متطلبات الحياة اليومية، المواطن يعانى، المواطن هو من يدفع الثمن فى بنغازى، ولكن هناك من يقوم بتقسيم الأراضى وبيعها بدون علم وموافقة السلطات التى لاوجود لها فى بنغازى، وهناك من يقوم ببناء وتشييد المولات والمبانى الفاخرة التى لاتتماشى مع ماتعانيه البلاد والعباد من فقر وتشرد، هناك من سيقوم بالأصطياد فى المياه العكرة وسيقوم بتوظيف وأستغلال هذه المعاناة للهجوم على حفتر وغيره من خصومه السياسيين، ولهذا نعلن بأنه لاهدف لنا من وراء كل ماتم سرده عن مايعانيه المواطن البسيط الذى لاحول له ولاقوة فى مدينة بنغازى سوى البحث عن حلول لهذه الأزمات التى لانهاية لها، ولهذا السبب نناشد كل المتصدرين للمشهد السياسى فى ليبيا بالتعجيل الى حل الأزمة الليبية بدلا من العمل على أطالة عمر الأزمة التى لايكتوى بنارها سوى المواطن البسيط، وهناك حقيقة لايمكن تجاهلها أو أنكارها وأسقاطها من الحسابات وهى أن معظم سكان الشرق الليبى يعتبرون "خليفة حفتر" بطل قومى، وهذه المعلومة لايمكن أنكارها وأصبحت رأى عام وقد لمستها من خلال نقاشى مع الكثيرين بكل مدن الشرق الليبى، نعلم بأن تفكير المواطن فى بنغازى أصبح محصور فى تلك الأزمات التى يعانى منها والتى سبق شرحها، ومع ذلك لم أجد أى شمواطن يلعن "حفتر" أو يحمله سبب الأزمات التى يعانى منها، الجميع يلعنون حكومة الثنى ويتهمونها بالفساد، الجميع يلعنون "عقيلة صالح" جماعته ويحملونهم سبب أطالة عمر الأزمة.
بكل أسف ليست هناك حكومة فى بنغازى، هناك لصوص مال عام، هناك فوضى أدارية، ولاوجود لأى جهاز رقابى فى بنغازى ولهذا تأسفت كثيرا على ماشهدته بأم عينى، وأقولها بكل صراحة "واجعنى حالك يابنغازى".
وللحديث بقية…
سعيد رمضان
متابع للشأن الليبى