الكثير من الأحداث المتداخلة المتناحرة في كثير من جوانبها تعصف بليبيا منذ الإطاحة بملك الملوك!!!؟؟ آخرها حكومة توافقَ عليها الجسمان السياسيين المنتهيا صلاحيتهما وهما المؤتمر والبرلمان بعد مفاوضات شاقة وعسيرة، وبعد الإعلان عن ولادتها يخرج علينا رئيس البرلمان مدعوما بثلة من أعضائه يبحثون عن أشياء ليست رئيسية يُتجاوز عنها في سبيل بناء الأوطان... ليتعلّقوا بها محاولين نقض ما اتفقوا عليه وليعيقوا محاولة توحيد البلاد وليدعموا ويرسخوا تشتته وتفرقه. ومنذ تكوين الحكومة ودخولها لطرابلس دون صعوبات تذكر بالرغم من معارضة الجسم المريض في المدينة، لزالت الحكومة تواجه عوائق كثيرة يضعها ويرسخها البرلمان "المنتهي على أرض الواقع" بدعم من بعض الدول التي تتمنى أن لايزول ما نحن فيه من انقسام وتفرق؟؟؟
وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي تواجه حكومة الوفاق والمؤامرات التي حيكت وتحاك باستخدام كل الإمكانيات البشرية والمادية من أجل القضاء على الثورة وقيام الدولة التي ينشدها الجميع وما يتردد عن إطلاق سراح بعض رموز النظام الهالك من السجن، ومن أجل الخروج من النفق، فلا مناص من وقفة شجاعة وقرار حاسم يتحمله وينادي به الجميع وهو العودة للملكية الدستورية.
إن العودة للحكم الملكي قد يكون الحل الأقرب والأمثل وأفضل الخيارات المتاحة للخروج من الصراع ولقيام دولة حديثة تضع ليبيا على طريق الوحدة الوطنية والبناء. فالتناحر الذي نعيشه بين المجموعات المسلحة في عموم الوطن والتنافس المحموم الغير شريف بين القوى السياسية والقبلية لا أعتقد أن هناك أقرب من الحكم الملكي لتجاوزه لما يتمتع به من سمعة حسنة. فإذا ما ألقينا نظرة لما كان عليه وضع الوطن خلال الحكم الملكي بما فيه من أخطاء وتجاوزات ما زال الأفضل فقد أسس لدولة قانون سن فيها دستور يعد من أفضل الدساتير وخَطت التنمية خُطوات راسخة مخطط لها في جميع المجالات مع نظام إداري متميز.
أمّا الحكم الذي أتى بانقلاب ضباط صغار؟؟؟ فهو الأطول مدة والأوفر ثروة وهذان عاملين مهمين للتنمية والتقدم والإزدهار ولكن الذي حدث عكس ذلك فأول عمل قاموا به هؤلآء الصبية هو إلغاء الدستور الذي يحدد المسئوليات والذي يشكل عائقا أمام تنفيذ مخططاتهم وبإلغائه فتحوا الباب على مصرعيه أمام أنفسهم للقيام بما يحلو لهم، ولينفّذ الإنقلابيين بعدها بعض المشاريع التي خُطط لها مسبقا في العهد الملكي لتثبيت الحكم وما إن قوية شوكتهم وأحكموا القبضة على البلاد حتى كشفوا عن نواياهم وكشّروا عن أنيابهم فأصبحتَ ترى انهيار القيم الأخلاقية التي جُبل وتربى عليها المواطن فانتشر الفساد والرشوة والربا والإنحلال والتفكك الإجتماعي وطال الخراب جميع مؤسسات الدولة وكان لإبعاد الشرفاء من أبناء الوطن من تقلد المناصب وإسنادها للموالين للنظام أثر كبير في طغيان النفعيين والإنتهازيين وأصحاب المصالح فأصبحوا الصفة السائدة التي صبغة تلك الفترة المظلمة من تاريخ الوطن.
ومن أجل الخروج من الدوامة التي نحن فيها ومن أجل قطع الطريق أمام الإنتهازيين الذي ركبوا الثورة وانحرفوا بها، ومن أجل قطع الطريق أمام كلّ داعمي التفرق والتشتت والصراع الذي نحن فيه أفرادا وجماعات ودول ومن أجل إنقاد الوطن والمواطن مما يعانيه ندعوا لخطوة شجاعة قوية للعودة لدستور 1952 وللحكم الملكي.
نوري الرزيقي