يجب على القول أنه ورغم كل هذه الأحقاد وهذه الصراعات بين الليبيين فالحلول السياسية لازالت متاحة وممكنة وليست مستحيلة، نعم هي صعبة جدا ولكن تظل ممكنة، لكن هذه الحلول تتطلب من الجميع تقديم تنازلات قد تكون مريرة من أجل إنجاح هذه الحلول ومن أجل انقاذ الليبيين من حالة الاحباط واليأس التي تحطمهم يوما بعد يوم وتحطم أساس بقاء دولة ليبيا في عقولهم وقلوبهم، وهنا علينا أن نميز بين مسألتين:
الأولى: الوضع المرحلي وهو (المخرج السياسي) من هذه الكارثة وايجاد سلطة وطنية مركزية يعترف بها جميع الاطراف ويشارك فيها جميع الاطراف بدون استثناء.
الثانية: الوضع المستقبلي وهو (النظام السياسي والاداري) المناسب لليبيا، هل هو جمهوري ام ملكي!؟ رئاسي ام برلماني؟ فيدرالي ام مركزي غير فيدرالي!؟، تقسيم ليبيا اداريا الى مناطق أم ولايات ام محافظات أم فقط بلديات تخضع للحكومة المركزية في طرابلس!؟؟.
أولا: فيما يخص (المخرج السياسي) من هذه الأزمة وهو في ذاته المدخل لمرحلة بناء الدولة اقترح النقاط التالية:
(1) كما تم استيعاب (جماعة الجضران) في حكومة الوفاق يجب استيعاب (جماعة حفتر) وأن يتم الاعتراف بالفريق حفتر إما قائدا عاما للجيش الليبي في مقابل اعتراف جماعة حفتر بالعقيد المهدي البرغثي كوزير للدفاع والاعتراف بقوات مصراتة كجزء من من مكونات الجيش الليبي، او على الاقل انشاء (ثلاث قيادات عسكرية مناطقية) شرقا وغربا وجنوبا تتبع وزارة الدفاع بحيث يكون الفريق حفتر هو القائد العام للقوات المسلحة في برقة وتخضع كافة القوات المسلحة في شرق ليبيا لقيادته، وكذلك الحال في الغرب وفي الجنوب بحيث يكون هناك قائد عسكري عام لكل منطقة الى حين قيام الدولة واعادة تنظيم وترتيب الاوضاع كلها من جديد.
(2) يتم الاعتراف بحكومة الثني كحكومة مناطقية اقليمية مؤقتة للشرق الليبي ومقرها بنغازي وحكومة الغويل كحكومة اقليمية مؤقتة لغرب ليبيا ومقرها مصراتة وتشكيل حكومة في الجنوب الليبي مقرها سبها بحيث تكون هذه الحكومات الاقليمية الثلاث حكومات مصغرة الى ادنى حد ممكن وتكون بمثابة (حكومات إدارية وتسيير اعمال مناطقية) تخضع بشكل عام للحكومة الوطنية المركزية برئاسة السراج فلا يكون من ضمنها لا وزارة دفاع ولا خارجية ولا وزارة النفط أي أن تكون الوزارات السيادية وكذلك المؤسسات الوطنية والمالية والنقدية ضمن الحكومة المركزية فقط في طرابلس.
(3) يتم الضغط على المفتي السابق الصادق الغرياني اجتماعيا وسياسيا لاصدار فتوى ونداء لمن تبقى من المقاتلين الموالين له في بنغازي بكف ايديهم عن القتال والانسحاب خارج بنغازي لإعطاء فرصة لتحقيق السلام العام ورفع محنة اهالي بنغازي وتحقيق المخرج السياسي من الازمة.
(4) دعم جهود القوات المسلحة في الغرب الليبي التابعة لحكومة السراج في حسم المعركة ضد الدواعش في سرت وصبراتة.
ثانيا: بخصوص (النظام السياسي والاداري) وتحديد شكل دولة ليبيا بعد تحقيق الوفاق الفعلي وتحقيق قدر من الاستقرار العام في مناطق ليبيا الثلاث، اقترح ما يلي:
(1) تقوم لجنة الستين بإجراء استفتاء استشاري للشعب الليبي بإشراف الامم المتحدة حول شكل هذا النظام الذي يريدونه لبلادهم، هل جمهوري ام ملكي!؟ فيدرالي أم غير فيدرالي!؟ رئاسي ام برلماني!؟ تقسيم ليبيا الى مناطق ام ولايات ام محافظات أم بلديات فقط!؟، ووفق نتيجة الاستفتاء تقوم لجنة الستين بإعادة صياغة الدستور واجراء استفتاء شعبي عام عليه ثم اعتماده اذا وافقت عليه أغلبية الشعب.
(2) يكون باب اجراء تعديلات دستورية مستقبلا في شكل الدولة مفتوحا من خلال آلية يحددها الدستور كوجود عريضة يوقعها ثلثي مجلس النواب او مجلس الشيوخ تطالب بإجراء تعديلات جديدة وفق استفتاء شعبي.
هكذا يمكن تحقيق المخرج السياسي من الازمة الخانقة الحالية، وهكذا يتم بناء الدولة بشكل عقلاني توافقي وشجاع وصحيح لاحقا، والله خير مرشد وخير معين.
سليم الرقعي
7 يوليو 2016 ميلادي
(*) يجب ان نعرف أن الحلول السياسية التي تؤدي الى المخرج السياسي هي في الغالب حلول مريرة لا يمكن لأنصار كل فريق سياسي ابتلاعها بسهولة كما حصل للصحابة في صلح الحديبية كصلح سياسي بين النبي وقريش وما تضمنه من تنازلات مريرة، لكن هكذا هي السياسة والدبلوماسية، فن الممكن!، وفن الحلول الوسط حينما يغدو الحسم العسكري بين الفرقاء المتصارعين مستحيلا او مكلفا للغاية للشعب والوطن ولكل الاطراف!.