لاشيء اتمناه كما أتمنى ابناء شعبي وابناء وطني ان يحتفلوا وان يفرحوا وان يملأوا ليبيا فرحا ومرحا وان يهتفوا بهجة لحياة طيبة، لحياة هى حقا لهم رخاء زهاء، حياة تتجنب ويتجنبها البلاء والاستياء، ولكن ان يصطنع احتفال ذكري فبراير السادسة صناعة على معاناة ابناء الشعب الليبي وعلى الانهيار الذي تتهاوى اليه ليبيا فان ذلك افتراء وبهتان بإظهار الشعب الليبي الذي يعاني بانه لايعاني واظهار ليبيا المنهارة بانه ليست منهارة، وماالحشود التى ظهرت للعيان الا فئات محددة ممثلة لنفسها ولا تمثل الشعب الليبي مطلقا.
وهنا حقيقة صغيرة للتاريخ أوضحها لأجيال لاحقة وليس لاجل اجيال حاضرة تمرر عليها صور يرسمها المحتالون والنصابون واللصوص من حكام طرابلس ولا هدف لهذا الخطاب الا ان يرافق المستقبل الى اجيال لاحقة فاضحا لصور الاحتفال بالذكرى السادسة لفبراير التى لم يحتفل بها الشعب الليبي بسبب ماوقع عليه بؤس وتعاسة.
في مدينة طرابلس كعينة لا يتعدى عدد الحشود المحتفلة عن اثنتي عشر الف محتفل على وجه التقريب من سبعة مليون ليبي ويمكن حساب اعداد الحشود تقريبيا بحساب مساحة ساحة الاحتفال بطرابلس (ميدان الشهداء، الساحة الخضراء) بايجاد المساحة الكلية بالمتر ثم تضرب على اثنين وهى نصف المتر التى هى مساحة الوقوف الافتراضية لكل محتفل في ساحة الاحتفال وستوجد النتيجة التقريبية لاعداد المحتفلين وهم اثنتا عشر الف تقريبا.
تتكون الحشود التي ظهرت محتفلة من ثلاث فئات هى كالآتي:
1- فئة العائلات المهجرة من المنطقة الشرقية وهم اهلنا الذين هجروا الى طرابلس بسبب تضررهم من عملية الكرامة، وهم أعدادا كبيرة في مدينة طرابلس ولايوجد من اهالي مدينة طرابلس وضواحيها الا القليل.
2- فئة الاهالي الذين ينتمي افرادا منها الى العصابات المسلحة او الى التيارات الدينية المنحرفة او الى حكومات فبراير التشريعية والتنفيذية وهى فئة مستفيدة مستنفعة من فبراير ولايهمها مايعانيه الشعب الليبي وتعانيه ليبيا.
3- فئة من ابناء الشعب الليبي ذات طبيعة نفسية معينة محبطة لايجد أدراكها من سبيل الا بالاحتفال.
وهى فئة محبطة يقسرها إدراكها على الاحتفال تجنبا للألم والاختناق الذي تعانيه من حدث فبراير المحتفلة به، فمن طبيعة الانسان الاندفاع نحو السعادة والهروب من الالم والأوجاع بحيل دفاعية نفسية ويتوقف الامر على طبيعة الإدراك في الانسان فالمتألم او الموجوع او المختنق يندفع نفسيا بحسب قيمه الإدراكية الى اي شيء يجد فيه متنفسا، هناك من يجد الرياضة متنفسا ومن يجد السفر متنفسا ومن يجد الخمر متنفسا ومن يجد الاحتفال متنفسا ولو كان الاحتفال تحت شعار وقع عليه بؤسه وتعاسته فيجبر نفسيا ان يندفع الى لحظات يعيش فيها متنفسا منشرحا هاربا من زمن مديد وئيد يعيش فيه مختنقا بمعاناته. اما غالبية الشعب الليبي فانه مفقود غير موجود، يغيب في عالم معزول مذبول معذبا بفقره وعوزه وخوفه ورعبه وحرمانه، وماالاحتفال الا احتفال على عذاب الشعب الليبي. حسبي الله فيما اقول الذي له القوة والحول.