مقالات

صالح الحاراتى

المنقذ من الضياع!!

أرشيف الكاتب
2017/01/06 على الساعة 03:16

لا زال هناك من يظن انه لدينا مزيدا من الوقت لكى نضيعه فى صراعنا وعبثنا  ثم ننتبه بعد زمن قد يطول لنقول بعدها.. يا الله.. لقد مضت الايام  بسرعة ؛.. ماذا صنعنا بانفسنا وبوطننا  كيف وصلنا لهذا الحال!؟... هكذا اتصور الحال مع استمرار مشاحناتنا وعنادنا المدمر.. وهكذا سيكون نتاج ثقافة الكراهية السائدة اسوء مما نراه واقعا. فبعد ان قطعنا خطوة على طريق الوفاق.. بدأ التراجع والنكوص تحت مبررات عديدة، متوهمين كعادتنا الحلول الجذرية، مرددين  اعتقادنا الوهمى بان الحل الناجع يكمن فى العودة للبدء من نقطة الصفر!؟

لم تتأخر مبرراتنا... هناك من يقول ان العودة لنقطة الصفر ضرورية طموحا للكمال المثالى الغير واقعى لأن البناء على ما سبق اى "الاساس" غير صحيح!؟.. ويقول اخرون ان السبب لا علاقة له بوجود الاساس من عدمه وانما الامر مرده الى ان هناك من يلجأ  للشخصنة ويطمح فى كل جولة لتقديم نفسه كبديل جديد وكأن هذا البديل جدير بالمسؤولية وفى يده عصا موسى او "بيجيب الذيب من ذيله" وانه بامكانه  تجاوز كل ما سبق ومسح الركام السابق من الاخطاء والتقصير وقلة الحيلة!!.. ويصرخ  ثالث منطلقا من  ثقافة راسخة تدعى الصواب وامتلاك الحقيقة، ان التراجع والعودة ضرورة انصياعا "لشرع الله" وضمانا  لسلامة ومكانة "الثوار"! ومكتسبات الثورة التى تتلخص فى تحقيق مطامحهم  التى لم يستطعوا  تحقيقها فيما مضى بقوة السلاح!

كل تلك المبررات وغيرها لا علاقة له بالحقيقة الماثلة امامنا ونراها بوضوح وهى ان صراعاتنا على السلطة صراعات بدائية تسبق نسق الادلجة ولا علاقة لها بالايديولوجيا الا شعارات مرفوعة للتغطية على دوافعنا الشخصية والجهوية والقبلية والمناطقية والانتماء البدائى. واظن انه  بتغلغل كل ذلك وغيره فى العقول تجدنا وعند كل مختنق يذهب تفكيرنا الى المقترح الوهمى وهو العودة الى البدء  من نقطة الصفر والحلم بالحلول المثالية.

هكذا  نعيش ويمضى بنا الزمن  فى "انقطاع كلى لتراكم المعرفة والخبرة" ونستمر فى الدوران فى الحلقة المفرغة.. فى غياب كامل عن استيعاب ان اى حركة تغيير مجتمعية انسانية يجب ان  تهدف إلى التغيير الإيجابي في حياة البشر.. واى منجز بشرى لا يمكن تحقيقه الا بتراكم المعرفة والتجربة وان النقصان حتما سيكون مترافق معه وان التجويد والتحسين والتصويب هو امر لا مناص منه.

ولكن تتوالى المبررات حتى وصلنا اخيرا لاكتشاف مذهل، حيث وجد بعضهم اخيرا حجة براقة هى اقرب الى المزايدة  مناديا بالقول ان حلحلة الازمة تعنى وتتطلب "مشروع وطنى"!!؟... فلناخذ هذا الكلام مأخذ الجد.. لنرى ما المقصود بالمشروع الوطنى؟

المشروع هنا هو عملية أو نشاط مقيد بزمن، أي له تاريخ بداية وتاريخ نهاية، يتم القيام به من أجل تقديم منتج ما أو خدمة ما بهدف تحقيق تغيير مفيد أو إيجاد قيمة مضافة. واعتقد ان المشروع الوطنى الملح حاليا هو تدعيم أركان الدولة وتوحيد  مؤسساتها الوطنية  لتحقق النفع العام للناس.

ان توحيد السلطة ومؤسسات الدولة التى اشار اليها الاتفاق هو أساس لاى مشروع وطنى وإنجاز وطني وخطوة نحو الدولة لا يمكن التخلي عنه. اذ لا دولة دون سلطة سياسية واحدة، سلطة تجسد طموحات الناس، سلطة مطلوب منها التأسيس البنيوي للدولة القادمة، وتقوية وتماسك مؤسساتها لغاية نبيلة هى تقديم الخدمات للمواطن وخلق حالة من السلم الاهلى.. اليس هذا الامر هو الاساس حتى نكون أمام مشروع وطني متكامل.

في ظني أن نجاح الوفاق  بكل بنوده هو ما يشكل مدخلا مهما في نجاح اى  مشروع وطني... واظن ان الاتفاق السياسي احتوى على كل تلك النقاط، وبه امكانية التصويب الدائم والية التحسين ولكن اذا استمر كل طرف في التصرف باعتبار أنه يمثل المشروع الوطني، واستمر في تحميل مسؤولية أي خلل أو تقصير للآخرين مع استحضار منظومة التخوين  فذلك لا يعنى الا انه لا يختلف بل هو الوجه الاخر لمصفوفة التكفير التى يدعى انه ينبذها ويقاومها.

ان ما احتواه الاتفاق السياسى، كما اراه، ليس الا بلورة لخطة عمل ومشروع وطنى!؟.. فهو يحث على توحيد مؤسسات الدولة وحدد مهام السلطات الثلاثة المنبثقة عنه وحدد تواريخ لانجاز تلك المهام كما حدد للسلطة التنفيذية الخدمة التى يفترض تقديمها للمواطنين وحدد ترتيبات امنية لتسهيل تقديم تلك الخدمات فى مناخ امن وايضا حث لجنة الدستور على الوفاء بالتزاماتها حتى تكون هناك مرجعية ثابثة تستند عليها مؤسسات الدولة المأمولة.

واذا كان لاى مشروع هدف.. وهو ما نريد الوصول اليه وتحقيق الغرض  باقصى كفاءة وفاعلية… فالاتفاق السياسى ايضا من بداية ديباجة المقدمة حدد الهدف بخلق السلم الاهلى والمصالحة وتهيئة الاجواء للانتقال الى المرحلة الدائمة من انتخابات وووو الخ من متطلبات.

المسالة بظنى لا تعدو الا ان تكون تلبيس المفاهيم من خلال تمييع المصطلحات، لمأرب فى النفوس.. فهم لا يستطيعون مهاجمة الاتفاق لذاته "لاعتبارات عديدة"، فيذهبون الى استخدام كلمات فضفاضة لخلق ميوعة مفاهيمية بحيث تتشكل تربة خصبة للخلط والتلبيس على الناس من ناحية وادعاء بامتلاك المعارف التى يتفردون بها عن غيرهم ادعاء وتزويرا للمفاهيم والمصطلحات، وغايتهم الحقيقية تبقى متمحورة حول افشال المشروع الوطنى وليس المناداة به نظرا لانهم "فاتهم القطار".

مقصدى مما سبق هو القول بانه وفى ظل واقعنا المأزوم يبقى الاتفاق السياسى "ورغم كل نقائصه" هو الحل... أصلحوا ما به ونقحوه ولكن لا فائدة ترجىمن تجاوزه ونكران انه قد ينقدنا من الضياع... تلك حقيقة ماثلة امامنا ولكن عنادنا يمنع البعض من ان يراها.

صالح الحاراتى

كلمات مفاتيح : مقالات ليبيا المستقبل،
لا تعليقات على هذا الموضوع
آخر الأخبار
إستفتاء
ما التقييم الذي تسنده لـ"السقيفة الليبية" (بوابة ليبيا المستقبل الثقافية)
جيد جدا
جيد
متوسط
دون المتوسط
ضعيف
كود التحقق :
+
إعادة
لمتابعة ليبيا المستقبل
جميع المقالات والأراء التي تنشر في هذا الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع