كانت "نور" تقف عند الباب حين شاهدتني أصنع عبود زميتة بيدي. قالت لي هذه ثورتكم المجيدة يا أبي ! لم أجبها بشيء، فقط نظرتُ لها من أسفل ثم عاودتُ أعمل في الصحن . حضرت نور معي 2011 وشاهدتني أهتف من أعماقي للعام المجيد وهو يطيح بالخرسانات العالية. كان الغبار الذي يحدثه تهاوي الجدران يحجب الرؤية ويقلل من قيمة أي سرقة قد تحدث للثورة. كان مجرد تصدع وهدم هذه الصبات الخرسانية يعني عندنا النجاح بعينه. لم نفكر عامها أن الصبات الخرسانة هي صناعة مثل أي صناعة لها عمر افتراضي وينتهي. كنا نعتقد أن مجرد التكبير (الله أكبر الله أكبر) سوف يطرد الشيطان من نواحينا، ولم يخطر على بالنا مرة أن الشيطان أطول عمراً منا، وأنه قد يقف إلى جانبا ويكبر معك الله أكبر الله أكبر، وأحياناً هو الذي يرفع مُكبر الصوت.
لم أجبها بشيء ولم أرد عليها . فالكلام الكبير الذي معي قد لا تفهمه نور، بل قد تسخر منه وربما تسخر حتى مني (فكلامك هذا يا أبي اذهب به للغرياني والسويحلي وعقيلة صالح والسراج وآخرون) أما هي لا تفهم سوى فطور مقبول وأدوات مدرسية تليق بها.