مهراج أعرب عن قلقه من انعكاسات الأوضاع بالسودان على استقرار البلاد والمنطقة
ليبيا المستقبل - (صحيفة الشرق الأوسط): أكد السفير الفرنسي لدى ليبيا، مصطفى مهراج، أن "تمكين الليبيين من العيش في بلد له سلطة موحدة منتخبة ديمقراطية، توفر مناخاً آمناً ومستقراً واقتصاداً مزدهراً، سيصبّ في صالحهم أولاً"، معرباً عن قلقه من تطورات الأوضاع في السودان، وانعكاساتها على استقرار ليبيا والمنطقة.
وقال السفير في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" إن "الانتخابات الليبية تمثل محطة ضرورية لاستقرار البلاد"، مجدداً دعم بلاده مبادرة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية نهاية العام الحالي.
وبخصوص ما يطرحه البعض بشأن وجود خلافات بين بعض الدول الأوروبية والغربية حول إجراء الانتخابات والشخصيات المرجّح خوضها للسباق الرئاسي، وما يثيره ذلك من مخاوف حول احتمال عرقلتها، دعا مهراج الجميع إلى تذكر "وجود إجماع دولي حول إجرائها، وأن الأساس الذي تعتمد عليه مبادرة المبعوث الأممي هو تعزيز الاتفاق بين جميع الجهات السياسية والأمنية الفاعلة، وكيف أن هؤلاء بمفردهم هم من سيقرّرون الوسائل والخطوات، التي يجب الالتزام بها بمسار إجراء الانتخابات". مبرزاً أنه "ليس من صلاحيات بلاده التعليق على أي شخصية تـنوي خوض الانتخابات"، ومؤكداً أن الأمر متروك لليبيين ليحدّدوا في قوانين الانتخابات كل ما يتعلق بها.
في سياق ذلك، نوّه مهراج إلى أن فرنسا "تعمل منذ عام 2017 وحتى يومنا الراهن على تسهيل إجراء حوار شامل بين جميع الجهات الليبية الفاعلة؛ وهو ما يتوافق مع الجهود الأممية في إجراء الانتخابات وتطلعات الشعب الليبي أيضاً". وأعرب عن تأييد بلاده ما أعلنه باتيلي عن "ضرورة ضمان تمتع الانتخابات بمستويات عالية من النزاهة والمصداقية في جميع أنحاء البلاد؛ حتى يتمكن الليبيون من اختيار من يريدون بكامل حريتهم، والتأكد من أن جميع المرشحين على قدم المساواة، وأنه لا يجوز استخدام الأموال العامة لأغراض الحملة الانتخابية".
وعلى رغم إقراره بأن بعض الشخصيات الفاعلة بالساحة الليبية تخشى بالفعل فقدان موقعها الراهن عبر الانخراط بالعملية الانتخابية المستهدفة، قال السفير الفرنسي إنه "لا يوجد هناك من أعلن معارضته إجراء الانتخابات، والمخاوف حول هذه العملية يمكن معالجتها عبر ضمان أن تتسم المنافسة الانتخابية بالنزاهة والعدالة، واحترام الجميع نتائج صندوق الاقتراع". مشيراً إلى أن المبعوث الأممي دعا فعلياً إلى وجود مدوّنة حسن سلوك، و"ضرورة إلزام المرشحين بالتوقيع عليها".
كما شدد مهراج على أنه "لا يمكن تجاهل أهمية إرادة الشعب الليبي وقراره"، قائلاً "أعتقد أن الشعب عبّر وأعلن بوضوح عن رغبته وحماسه في إجراء الانتخابات عبر تسجيل 2،8 مليون مواطن أسماءهم في كشوف الناخبين بالمفوضية العليا خلال التحضير للانتخابات، التي كان من المزمع إقامتها نهاية عام 2021، فضلاً عن وصول نسبة المشاركة خلال الانتخابات البلدية الأخيرة في بعض المدن إلى 70 في المائة، مثل بني وليد". مضيفاً أنه يجب على الجميع "تذكر أيضاً أن هناك نظام عقوبات أوروبياً يخضع لمراجعة سنوية، وهو يستهدف أولئك الذين يهدّدون توطيد السلام والاستقرار والأمن وحقوق الإنسان في ليبيا، أو الذين يعيقون الانتقال السياسي، فضلاً عن استهداف الفئات ذاتها بموجب نظام عقوبات الأمم المتحدة، طبقاً لما ورد في بيان رئاسة مجلس الأمن منتصف مارس (آذار) الماضي".
في غضون ذلك، عدّ السفير الفرنسي أن تقديم مزيد من الدعم لجهود البعثة الأممية واللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) "مطلوب لتأمين العملية الانتخابية، وتوحيد المؤسسة العسكرية أيضاً، كما أن ذلك سيُعدّ ركيزة مهمة في مواجهة التحديات الأمنية، التي تعترض العملية الانتخابية في ليبيا، وفي مقدمتها معضلة وجود قوات أجنبية ومرتزقة فوق أراضيها".
وبشأن وجود عناصر شركة "فاغنر" في ليبيا، عدّ أن وجودها "مصدر قلق في ضوء أفعالها المزعزعة للاستقرار؛ ولذا تتوالى الدعوات لمغادرتها ولكافة عناصر المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية". مشيراً إلى مشاركته مؤخراً في افتتاح مركز "متألق" لتعزيز ثقافة نزع السلاح، وإدماج المقاتلين في سوق العمل، والذي جرى تأسيسه في العاصمة طرابلس في إطار تنفيذ مذكرة التفاهم المبرمة بين وزارة العمل والتأهيل الليبية، والاتحاد الأوروبي، وبشراكة مع السفارة الفرنسية. كما أشار السفير إلى أنّ عمله يستهدف تعميق التعاون بين بلده وليبيا.
وقال بهذا الخصوص "لدينا لقاءات متعددة مع كثير من الوزراء والقيادات السياسية والنشطاء؛ بهدف دعم أوجه التعاون الفرنسي الطويل الأمد في الكثير من المجالات في ليبيا". مضيفاً "كما يعلم الجميع فشركة (توتال)، تتواجد في ليبيا منذ 60 عاماً، وهي تعمل بالتكامل والتعاون مع الشركات الأجنبية الأخرى، وبالتنسيق مع السلطات الليبية المسؤولة عن القطاع".
وأعرب السفير الفرنسي عن أمله في أن "تنجح ليبيا في تفادي أي تأثيرات سلبية للصراع الراهن بجارتها الجنوبية السودان"، وانتهى إلى أن "استقرار ليبيا وجيرانها ضرورة لأمن المنطقة والعالم، ومن هذا المنطلق دعت باريس من البداية إلى توقف المعارك بين طرفي الصراع السوداني، والعودة السريعة لطاولة الحوار السياسي".