"رمضان في عيون المبدعين".. زاوية نطل، من خلالها، كل يوم، على أجواء رمضان ونفحاته بعيون أهل الأدب والفن ورفاق الحرف وفرسان القلم. "رمضان بعيون المبدعين".. قطائف ولطائف وأزهار فواحة من بساتين الكلم ومروجه، على امتداد أيام الشهر الفضيل.
خاطرة اليوم يقدمها أستاذ اللسانيات بكلية اللغات (جامعة طرابلس - ليبيا) الدكتور أحمد رشراش (كاتب وشاعر وناقد وروائي)…
رمضان زمان
بالأمس كانت الحياة أكثر بساطة، كنا ننتظر الإعلان عن رمضان و العيد في ليلة الشك، في إحدى السنوات أعلنت الإذاعة الليبية عن العيد، ثم ثبت أنه صيام، وفي وقت متأخر بعد نوم الناس، أخذ جارنا الحاج عياد يطوف في الشارع وينادي بصوت عال (غدوة صيام يا ناس) بعض الناس وصلهم الخبر وبعضهم الآخر لم يصلهم؛ ففطروا، ثم اكتشفوا أنه صيام!!
كنا في المساء نشم روائح الأكل تتضوع من شبابيك البيوت، كأنها ريحة المسك.. وكانت الذوقة (الضوقة) بين الجيران.. كانت نفحات رمضان آسرة للقلوب، وللإفطار طعم مختلف مع برنامج البسباسي (بسباسي آه يا راسي) مع الطاهر الجديع وفاطمة عمر، وكذلك الثنائي بنور (محمد الكور) والحاج (عبدالرزاق بن نعاس) (يا بنديري هيه ما عندك خبر) وقزقيزة و إسماعيل العجيلي، رحمه الله (هو الشي) والثلاثي فتحي كحلول وسعد الجازوي ولطفية إبراهيم (ساعة لقلبك ظريفة وظريف ومظروف).
في الليل لم نكن نعرف التراويح، كان يصليها الكبار فقط، ونحن كنا نعلب (الوابيس والليبرة ثم في مرحلة بعدها دوريات كرة القدم).
في آخر أيام شهر رمضان، تبدأ الأمهات في إعداد حلويات العيد، لا بقلاوة، لا الواز، بل سفرة الكعك الحلو والكعك المالح وسفرة المقروض وسفرة الغريبة، أقطع مع أبناء الشارع مسافات لا بأس بها حاملين تلك السفر فوق رؤوسنا للكوشة، ثم نذهب نلعب ونعود في توقيت محدد لنجدها جاهزة؛ فنحملها إلى البيت، ولا بد أن نكون حريصين على معرفة (سفرنا) لان والداتنا ستميزنها من غيرها ولا تقبلن بالتبديل.
كانت أياما أكثر بساطة من أيامنا هذه في كل شيء، لكنها -في نظري- أروع وأكثر سعادة.
السقيفة الليبية (بوابة ليبيا المستقبل الثقافية)
- راجع الحلقات السابقة (هنا)