الان.. في القاهرة. بكل بهجة بين يدي النسخة الأولى للترجمة العربية لكتاب (الإبادة الجماعية في ليبيا.. الشر تاريخ إستعماري مخفي). للصديق العزيز الباحث الكبير د. علي عبداللطيف احميده. وصدر في طبعة أنيقة عن مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة.
كنت قريبا منه كثيرا خلال عمله الدؤوب لإنجاز هذا الجهد العلمي المهم. تقصى تاريخ الشر الإستعماري في وطننا.. في حقبة مظلمة عانى فيها الليبيون مرارة النفي والإبعاد والتهجير والمعتقلات. تفاصيل دقيقة إعتمدت التاريخ الشفوي لمن عاصر هذه المراحل السوداء. شهادات وتوثيق كاد يختفي في الأراشيف الإيطالية الإستعمارية التي لايسعدها أن يظهر هذا التاريخ المزري في حقها وتتعمد على الدوام إخفاءه بكل الطرق والحد من الإقتراب منه أو التعرض إليه بالدراسة والتحليل والمنهجية. كانت هذه المعتقلات هي شرارة المعسكرات النازية الألمانية فيما بعد. الشر يتتالى ويتلاحق لكنه في مجمله يظل صورة واحدة للشر والجريمة والقهر. يلتقي الشر عند نبع واحد ويشرب منه. الحقد والكراهية وقتل روح الإنسان بعد تدميرها بالكامل. الفاشية والنازية لوحة واحدة مخضبة بالدماء والعسف.
بحث وعمل أنجزه أخي وصديقي علي بدم القلب. عمل وطني وعلمي رائع أبارك صدوره. فرحة بأنه لاشك سيسد فراغا هائلا في هذا الجانب الذي لم يكشف عنه من قبل الكثيرين إلا فيما ندر. وترجمه بصورة جميلة وأنيقة إلى اللغة العربية د. محمد زاهي المغيربي. والكتاب يحوي ملاحق وجداول وأحصائيات وأشعار وروايات كثيرة. جهد كبير يختصر معاناة شعبنا في فترة الإحتلال. والجهود الكبيرة لاتخطئها العقول أو العيون والقلوب. وقد شملني الإهداء مع أعزاء أفاضل فله كل المحبة والود بلا إنقطاع.
مبروك أخي علي ومبروك لليبيا هذا الجهد وعليها أن تتجه إليه وتمنحه تكريما وتقديرا يستحقه بكل جدارة.
فهل ستسمع جهاتنا الرسمية والعلمية وتتابع هذا العمل في زحمة اللهاث بعيدا عن تاريخنا الذي يقارب أن يضيع !