البعد التاريخي هو الذي يدير الزوايا ويتحكم في اللعبة... والثقافة المجتمعية دائما لها الغلبة مهما ابرمنا من اتفاقيات او وقعنا من عهود ومواثيق... بل حتى ولو توافقت الدول الكبرى... الثقافة الموروثة لايمكن تغافلها في أي موضوع ويأتي على رأسها لقاء ابوظبي... وجود مصر مع الامارات لا يعني بالضرورة النجاح.. تاريخيا مصر دولة مصنوعة من الماء والامارات دولة من الرمال بالتالي لاسبيل للتلاقي مهما تصورنا عكس ذلك... فقاعات سرعان ماتتبخر تحت وطأة المنازعة التاريخية... ليبيا ضاحية بالنسبة للحاضرة مصر فهي بهذا الوضع في موقع الضد... التقارب قد يحدث بين الاضداد انما يحمل دائما الانفة والتعالي وهنا المكسر... الظروف لاتصنع المعجزات بل الارادة الصادقة بعد توفيق الله هي التي تحدث الانجازات... التوفيق بين المؤسسة العسكرية الليبية والمصرية خرافة فلا يمكن ان يتلاقيا واذا تلاقيا ومؤقتا فيكون ذلك مصطنع عبر ايجاد عدو مشترك للعوامل التاريخية التي نوهنا عنها سابقا... المؤسسة العسكرية الليبية كأي مؤسسة عسكرية تعني أنفة وكبرياء أي ان ثقافتها وتاريخها يرفضان الرضوخ لسطوة مؤسسة عسكرية اخرى حتى وان تظاهرت بذلك فالقانون التاريخي يحكمها ولاتحكمه ولن يتعدى المجال بينهما مجال المنافسة والتزاحم.
الجماهير سيدة الجميع بمزاجها وثقافتها وتظل هواجسها قائمة ولا يقنعها الا الفعل ويظل احترامها قائما لمن يصدق معها ولايخدعها وهذا أمر استوعبه الزعيم الراحل معمر القذافي وسبر غوره ونجح في التعامل معه... الجماهير هي الجماهير... لها قانونها وهيلمانها ومن خدعها فتكت به... الحرية والمساواة امران لاتغفر فيهما الجماهير واي مشروع لايؤكدهما يسقط عندها... الجماهير لها حساسية تاريخية مطلقة تجاه الاقتراب من عرينها ولهذا تتملكها حساسية دائمة تجاه الاغنياء والحكام والاجنبي فهم في وعيها التاريخي يمثلون الصلف والعسف والاستعباد... اذا الخداع في لقاء السيد حفتر والسيد السراج يكمن في تسويقهما للتوافق بينهما دون ان يقدما مشروعا مكتوبا يحمل الضمانات الواقعية لافشاء وديمومة العدل والانصاف في كافة اوصال الدولة رغم ان لقاءهما كان متوقعا بعد عداوة ضارية بينهما كما قيل... فهل كانا يعملان على العمياني... لاخطة ولاتصور ولا برامج... على أي شي كانا يتصارعان ويتقاتلان... الجماهير تدرك انهما كانا يتقاتلان على ما ابقاه الراحل معمر القذافي من مذخرات لها... لن ينجح توافق على اتفاق لايحمل ضمانات حقيقية وليست وهمية لصالح الجماهير... النجاح الحقيقي هو في الضمانات المقدمة لحفظ ليبيا من الليبيين اولا ومن ثم من الاجانب... ماهي الضمانات التي يقدمها هؤلاء المجتمعين لعدم التقسيم والمحاصصة وحفظ الليبيين في ارواحهم واموالهم وارزاقهم... لا اثراء على حساب الليبيين لا غنى على حساب الليبيين لا ديكتاتورية تتسلط على الليبيين... مدنية عسكرية لايهم... الاهم هو العدل والانصاف وسيادة القانون... كيف... كل هذا يكون بوضع الكفاءة والامانة قبل أي شي... اذا فعلنا ذلك نجحنا والا ابشروا بثورة شعبية تفتك بالكل ولو بعد حين.