و(البيت اْبيض) فى جلال سياسة ووقار مجد
فيه الدهاقنة الكبار
والهمس. والبيض الحرار
وخريطة الدنيا مصير. تحت قبضة مستبد
فى جرة القلم الكريم. وفى الجنون. وفى التحدى
عبدالباسط الصوفى
فى موسم الثلوج والصقيع. بعد اْسبوع من الان. فى العشرين من يناير وكالعاده المتبعه فى اْمريكا يقسم الرئيس الجديد اليمين الدستورية ويصبح رئيسا لبلاده لمدة اْربعة سنوات.. مالم تجدد مرة اْخرى. ثم ينتقل باْسرته الى ذلك البيت فى واشنطن ويدخل المكتب البيضاوى. يجلس بجوار المدفاْة. ينفخ يديه واْوداجه. ويشرع فى ادارة العالم. ومغازلة اسرائيل!
العالم يحبس اْنفاسه وينتظر فالمرشح ترامب الذى شغلته الاضواء والاحتفالات والمناظرات الطويلة والزيارات والوعود والمهرجانات والتصفيق هو غير الرئيس دونالد ترامب فى الاْيام المقبلة. والعالم يحبس اْنفاسه لهذا القادم مثلما حبسها اْلاف المرات خلال ازمات الحروب الباردة والتجسس والمخابرات والانقلابات والصواريخ الذرية العابرة للقارات وشحنات القمح والنقطة الرابعة واللعب بمصائر الشعوب والسلام العالمى. كان العالم اْحيانا كثيرة بفعل سياسة امريكا يكاد يصل الى حافة الهاوية ثم تنخفض معدلات الحرارة حين تتحقق المصالح. وفى كل الاحوال وعلى مدار اْعوام عديدة يضيع الانسان فى اْمريكا وفى العالم ويظل يحبس اْنفاسه وينتظر. تصريحات. تلميحات. اشارات. تجهيزات للقادم. توقع لما هو اْسواْ فى الافق الرمادى المجهول.
فهل اْمريكا بلد غير عادى فى هذا العالم؟
اْن العالم يضبط اْموره على اْمريكا. على قياسها. ولكن اْمريكا تظل على الدوام شيئا اْخر. اْمريكا منذ اْعوام لا تختلف عن بعضها وعن سياستها فى اْى من الامور. والعالم لايستوعب الدرس. اْمريكا لاتستخدم عقلها فى السياسة وكثيرا ماتورطت فى سبيل مصالحها وانانيتها. اْنها تستخدم القوة والتهديد ولهذا فهى بلد غير عادى. سياسة رعاة البقر والهنود الحمر والحانات تحت التلال والشريف صاحب النجمة اللامعه على صدره. عقلية المطارده والتورط والتوريط رغم التقدم العلمى والوصول الى الفضاء. الانهيار الخلقى فى السياسة والتعامل. العنجهية والغطرسه تقود امريكا الى الهلاك دون اْن تدرى. التقدم لم يصحبه تقدم فى السلوك واحترام الاخلاق والحرية لدى الاخرين والمثل العليا. ذلك تريده فى الولايات الخمسين اْما فى الخارج.. فلا!!
وعلى الدوام تتورط اْمريكا وتتراجع بلا خجل ثم تمضى فى التورط. وكل رئيس يثبت اهتمامه بما لايعنى بلاده ومشاكلها كثيرا. يهرب الى الخارج.. الى مشاكل الخارج نحو مزيد من التورط. كل رئيس فى امريكا ينحنى امام دولة صغيرة فى الشرق الاوسط هى اسرائيل. يهتم باسرائيل ويربط مصالح بلاده بها. اخيرا قال القادم للبيت الابيض فى الاسبوع القادم ان الامم المتحدة بعد 20 يناير ستصبح اخرى غيرها فى السابق. وهذا هو الانهيار الاخلاقى بعينه. هذا هو الاصرار والترصد منذ البداية وبالطبع كل ذلك من اْجل اسرائيل. يترك مشاكل بلاده ويهرب ليسترضى اسرائيل بطريقة مباشرة ويحبس العالم اْنفاسه كالعاده وينتظر. ولقد اثبتت التجارب عناد الامريكان وغباؤهم فى كثير من الاحيان. اْنهم شى مختلف. شى غير عادى. فماذا يريدون من هذا العالم الذى يحكمونه بقوتهم الظاهرة وغير الظاهرة؟
فهل اْمريكا بلد غير عادى؟
اْمريكا التى تطلعت اليها الشعوب فى السابق باْنها بلد لنكلون محرر العبيد صاحبة المثل العليا وتحقيق الحرية بمبادىْ ولسون. امريكا التى لم تدخل الحرب العالمية الاولى وظلت بعيدة عن محاور الصراع واهتمت بمشاكلها الاقتصادية اْيام الثلاثنيات الماضية وقراْت رواية عناقيد الغضب لشتاينبك جيدا وسمعت اشعار فاوست وموسيقى الجاز. امريكا التى سابقت الفضاء ثم قلبت ظهر المجن واْلقت قنابلها الذرية وحصدت بها البشر والمدن لتضع حدا لنهاية الحرب العالمية الثانية وتدخل بقوة لتاْخذ مكان اوروبا وتظل فى صراع طويل وجه لوجه مع روسيا وتلطخ الوجه الامريكى بالعار فى فيتنام وكوبا والكونغو والشرق الاوسط. امريكا هذه القوية لماذا تصغر امام فضائحها فى الداخل وتحت قدمى اسرائيل. لماذا تدعى القضاء على العنصرية فى الداخل وتظل تمارسها وتشجع عليها مع اسرائيل؟
هل امريكا بلد غير عادى. هل هى صناعة خاصة. هل هى تختلف. هل هى سوبر مان. هل الامريكى البسيط الذى يذبح ديكه الرومى فى عيد الشكر يعرف شيئا عن اسرائيل. عن سياسة بلاده. عن الضرائب. عن الاخرين. هل الامريكى اجمالا تهمه مصلحته ام مصلحة الانسان فى فلسطين وليبيا والعراق واليمن.. وكل العالم. هل يعرف اْن بلاده فرخت الارهاب واوجدته وكانت شريكا فيه. من يدفع الثمن. امريكا ام الامريكى المخدوع ام المواطن فى العالم. منه. وكثيرا ما انقلب السحر على الساحر.. منطق الغوله.. (ياحليبى كب كب واقعدله فى الركب). تفجير السفارات واغتيال الدبلوماسيين وتدمير برج التجارة. واعداد كتائب داعش. صناعة الارهاب من البلد غير العادى ياْتيه عاديا جدا. كراهية العالم تنمو ضد امريكا. ولم تستوعب الدروس.
اْمريكا من رئيس الى رئيس. من انتخابات الى انتخابات تطبخ فى دهاليز المخابرات والشركات والمصالح واصحاب النفوذ واسرائيل. والعرب امام هذه الماكينه المدمرة يفغرون الافواه. اْنهم كالعاده لايملكون استراتيجية موحده للتعامل مع امريكا منذ زمن. لايستطيعون تنظيف سمعتهم امامها. وتطظل امريكا تعاملهم بمقاييس السياسة السابقة والفلسفة والاخلاق الرديئه ولايستوعبون الدروس اْيضا. ينبهرون بما تنادى به ولا يستطيعون تحقيقه على الارض وتضحك عليهم امريكا فى كل الاحوال وتحركهم وتسخر منهم وتعتبرهم فى منتهى التخلف والانحطاط!
والواضح اْن المسلمين والعرب الامريكان ليسوا بجماعة ضاغطه مثل اليهود. لا صوت لهم ولا دور لهم فى الانتخابات اْو ما بعدها. مجرد بشر يلهث وراء الحياة ويفرح بالجنسية الامريكية والجواز الازرق ويتباهى به امام الاخرين حتى اذا عاد الى وطنه فهو يظل لا شى.
انسان هجين مشطور الى نصفين. يظل بنفس العقلية القديمه والتركيبة العتيقة. وياْتى خاوى الوفاض. المناداة بالحقوق والحرص على الحريات والقانون والدستور والافكار تتوقف عنده ولايستطيع استخدامها والعمل بموجبها فى بلاده.. خارج امريكا. انه فى امريكا شى وفى بلاده الاصلية مخلوق اْخر. الصراع والقبيلة والجهوية والتخلف. هل هذه امريكا التى قذفت به خارجها. هل هذه ثقافتها وحصيلة تجاربها؟
فهل رئيس امريكا غير عادى اْيضا؟
لافرق. انه مثل امريكا سواء بسواء. النعل حذو النعل. القطط لاتلد الا قططا. لقد وصل عبر المخابرات فى اللحظات الاخيرة ووسط مظاهر الصياح. وهو ليس افضل من كلينتون منافسته. ليس افضل من فى امريكا. انه استمرار لسياسة غبية. وربما سيختلف عن غيره فى انه سيقود امبراطورية امريكا باتجاه الانحدار. ويهىْ الاجواء والطرق المفتوحة لقيام امبراطورية جديدة فى العالم اسمها اسرائيل. فى امريكا يشعرون بذلك بطريقة ما.. وسيقفون على هذه الحقيقة ذات يوم قريب.
ترامب هو ترومان. هو دلاس. هو ايزنهاور. هو نيكسون. هو كندى. هو جونسون. هو ريغن. هو بوش. هو هو. الامريكى بياع القوة والعنف والغطرسه. هو السائق الذى فقد رخصته فى طرقات العالم ولم ياْبه لاْشارات المرور.
كلام قديم معاد لكنه يتجدد مع الصقيع القادم ولهب المدفاة فى المكتب البيضاوى. فالقادم دونالد ترامب لاتهمه امريكا ولا العالم. فقط تهمه اسرائيل.. فانتظروا هذا القادم فى الاسبوع القادم بعد حفلة التنصيب.. وليبك العرب وحدهم بلا توقف !!